قال أبو بكر : وهذه القراءة أعجب، لأن جعل العظيم صفة لله تعالى أولى من جعله صفة للعرش، وأيضاً فإن جعلناه صفة للعرش، كان المراد من كونه عظيماً كبر جرمه وعظم حجمه واتساع جوانبه على ما هو مذكور في الأخبار، وإن جعلناه صفة لله سبحانه، كان المراد من العظمة وجوب الوجود والتقديس عن الحجمية والأجزاء والأبعاض، وكمال العلم والقدرة، وكونه منزهاً عن أن يتمثل في الأوهام أو تصل إليه الأفهام.
وقال الحسن : هاتان الآيتان آخر ما أنزل الله من القرآن، وما أنزل بعدهما قرآن.
وقال أبي بن كعب : أحدث القرآن عهد بالله - عز وجل - هاتان الآيتان، وهو قول سعيد بن جبير، ومنهم من يقول : آخر ما أنزل من القرآن قوله تعالى :﴿واتقوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله﴾ [ البقرة : ٢٨١ ].
ونقل عن حذيفة أنه قال : أنتم تسمون هذه السورة بالتوبة، وهي سورة العذاب ما تركتم أحداً إلا نالت منه، والله ما تقرؤن ربعها.
اعلم أن هذه الرواية يجب تكذيبها، لأنا لو جوزنا ذلك لكان ذلك دليلاً على تطرق الزيادة والنقصان إلى القرآن، وذلك يخرجه عن كونه حجة، ولا خفاء أن القول به باطل، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده.
وهذا آخر تفسير هذه السورة، ولله الحمد والشكر.
فرغ المؤلف رحمه الله من تفسيرها في يوم الجمعة الرابع عشر من رمضان سنة إحدى وستمائة والحمد لله وحده والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٦ صـ ١٨٨ ـ ١٨٩﴾


الصفحة التالية
Icon