وقال أبو حيان فى الآيتين :
﴿ وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً ﴾
قال ابن عباس : نزلت هذه والثانية في المنافقين، كانوا إذا نزلت سورة فيها عيب المنافقين خطبهم رسول الله ( ﷺ ) وعرض بهم في خطبته، فينظر بعضهم إلى بعض يريدون الهرب ويقولون : هل يراكم من أحد إن قمتم؟ فإن لم يرهم أحد خرجوا من المسجد.
ولما استطرد من سفر الغزو وتأنيب المتخلفين عن الرسول إلى سفر التفقه في الدين، ثم أمر بقتال من يلي من الكفار والغلظة عليهم، عاد إلى ذكر مخازي المنافقين إذ هم الذين نزل معظم السورة فيهم.
وكان في الآية قبلها إشارة إلى الغلظة على الكفار وهم منهم، وقولهم : أيكم زادته هذه إيماناً، يحتمل أن يكون خطاب بعض المنافقين لبعض على سبيل الإنكار والاستهزاء بالمؤمنين، ويحتمل أن يقولوا : ذلك لقراباتهم المؤمنين يستقيمون إليهم ويطمعون في ردهم إلى النفاق.
ومعنى قولهم ذلك : هو على سبيل التحقير للسورة والاستخفاف بها، كما تقول : أي غريب في هذا وأي دليل في هذا، وفي الفتيان قيل : هو قول المؤمنين للبحث والتنبيه.
وقرأ الجمهور : رأيكم بالرفع.
وقرأ زيد بن علي، وعبيد بن عمير : أيكم بالنصب على الاشتغال، والنصب فيه عند الأخفش أفصح كهو بعد أداة الاستفهام نحو : أزيداً ضربته.
والتقسيم يقتضي أنّ الخطاب من أولئك المنافقين المستهزئين عام للمنافقين والمؤمنين، وزيادة الإيمان عبارة عن حدوث تصديق خاص لم يكن قبل نزول السورة من قصص وتجديد حكم من الله تعالى، أو عبارة عن تنبيه على دليل تضمنته السورة ويكون قد حصلت له معرفة الله بأدلة، فنبهته هذه السورة على دليل راد في أدلته، أو عبارة عن إزالة شك يسير، أو شبهة عارضة غير مستحكمة، فيزول ذلك الشك وترتفع الشبهة بتلك السورة.
وأما على قول من يسمي الطاعة إيماناً، وذلك مجاز عند أهل السنة، فتترتب الزيادة بالسورة إذ يتضمن أحكاماً.


الصفحة التالية
Icon