وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ ﴾
"ما" صلة، والمراد المنافقون ؛ أي إذا حضروا الرسول وهو يتلو قرآناً أنزل فيه فضيحتهم أو فضيحة أحد منهم جعل ينظر بعضهم إلى بعض نظر الرعب على جهة التقرير ؛ يقول : هل يراكم من أحد إذا تكلمتم بهذا فينقله إلى محمد، وذلك جهل منهم بنبوّته عليه السلام، وأن الله يطلعه على ما يشاء من غيبه.
وقيل : إن "نظر" في هذه الآية بمعنى أنبأ.
وحكى الطبريّ عن بعضهم أنه قال :"نظر" في هذه الآية موضع قال.
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ انصرفوا ﴾ أي انصرفوا عن طريق الاهتداء.
وذلك أنهم حينما بين لهم كشف أسرارهم والإعلام بمغيّبات أمورهم يقع لهم لا محالة تعجّبٌ وتوقّف ونظر، فلو اهتدوا لكان ذلك الوقت مظنة لإيمانهم ؛ فهم إذ يصممون على الكفر ويرتبكون فيه كأنهم انصرفوا عن تلك الحال التي كانت مظنة النظر الصحيح والاهتداء، ولم يسمعوا قراءة النبيّ ﷺ سماع من يتدبره وينظر في آياته :﴿ إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله الصم البكم الذين لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ [ الأنفال : ٢٢ ].
﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ ﴾ [ محمد : ٢٤.
قوله تعالى :﴿ صَرَفَ الله قُلُوبَهُم ﴾.
فيه ثلاث مسائل :
الأولى قوله تعالى :﴿ صَرَفَ الله قُلُوبَهُم ﴾ دعاء عليهم ؛ أي قولوا لهم هذا.
ويجوز أن يكون خبراً عن صرفها عن الخير مجازاةً على فعلهم.
وهي كلمة يدعى بها ؛ كقوله :﴿ قَاتَلَهُمُ الله ﴾ والباء في قوله :"بِأَنَّهُمْ" صلة ل "صرف".
الثانية قال ابن عباس : يكره أن يقال انصرفنا من الصلاة ؛ لأن قوماً انصرفوا فصرف الله قلوبهم، ولكن قولوا قضينا الصلاة ؛ أسنده الطبريّ عنه.


الصفحة التالية
Icon