وقيل يهديهم نور أعمالهم لما جاء في الحديث أن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة فيقول له أنا عملك فيكون له نورا وقائدا إلى الجنة، والكافر إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة، فيقول له أنا عملك، فينطلق به حتى يدخله النار.
وفي هذه الآية دليل على أن مجرد الإيمان منج، إذ قال بإيمانهم دون أن يضم إليه العمل الصالح، وهو لا شك ينجي من التخليد بالنار ويدخل الجنة من لم يتمكن من العمل كمن أسلم ومات قبل أن يقدم عملا صالحا، فإذا أمكنه تقديم العمل الصالح فهو من باب أولى "فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ٩" الدائم لأمثالهم، وحرف الجر هنا متعلق بتجري وهو حال من الأنهار "دَعْواهُمْ" دعاءهم وهو مبتدأ و"فِيها" متعلق به وخبره "سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ" أي أنهم يدعون اللّه تعالى وينادونه في هذه الجملة الدالة على التنزيه تلذذا بذكره تعالى لا عبادة، وانهم يقولون هذه الجملة كلما يعايتون شيئا من عجائب آثار قدرته ونتائج رحمته ورأفته "وَتَحِيَّتُهُمْ" فيما بينهم "فِيها" أي الجنة "سَلامٌ" أي يحيي بعضهم بعضا وتحييهم الملائكة في هذه الكلمة أيضا.
وقيل إن جملة سبحانك اللهم علامة بين أهل الجنة والخدم في الطعام، فإذا أرادوا شيئا قالوها، فيأنونهم بما تشتهي أنفسهم وتلذّ به أعينهم من الأطعمة التي لا يشبه بعضها بعضا في اللون والطعم والرائحة والآنية واللذة والكم والكيف والماهية والغداء.


الصفحة التالية
Icon