وعندئذ كانوا يواجهون حملة القرآن على عقائدهم المهلهلة وجاهليتهم المتناقضة بأن يكذبوا رسول الله ( ﷺ ) في نبوته والوحي إليه من ربه ; ويزعمون أنه ساحر ! وأن يطلبوا منه أن يأتيهم بخارقة تدل على أن الله أوحى إليه ; ويفتتنون في طلب هذه الخوارق على ما ورد من ذلك في سورة الإسراء مما حكاه القرآن الكريم عنهم. في مثل قوله تعالى: ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل، فأبى أكثر الناس إلا كفورا. وقالوا: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا، أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا، أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا، أو تأتي بالله والملائكة قبيلا، أو يكون لك بيت من زخرف، أو ترقى في السماء، ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ! قل: سبحان ربي ! هل كنت إلا بشرا رسولا ؟ وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا: أبعث الله بشرا رسولا ؟.. وكما قال تعالى في هذه السورة: (ويقولون: لولا أنزل عليه آية من ربه !! فقل: إنما الغيب لله، فانتظروا إني معكم من المنتظرين)..
كذلك كانوا يطلبون من رسول الله ( ﷺ ) أن يأتيهم بقرآن غير هذا، لا يتعرض لآلهتهم وعقائدهم وجاهليتهم ; كي يستجيبوا له ويؤمنوا به ! كما قال الله عنهم في هذه السورة: (وإذا تتلى عليهمآياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا: ائت بقرآن غير هذا أو بدله).. وكان الرد على مثل هذا التعسف الساذج: (قل: ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي، إن أتبع إلا ما يوحى إلي، إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. قل: لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به، فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ؟ فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته ؟ إنه لا يفلح المجرمون).


الصفحة التالية
Icon