لا تستقيم أولاً إزاء هذا الكون الذي يعيشون فيه، ويتعاملون مع أشيائه وأحيائه.. وهم حين يضطرب تصورهم لحقيقة الألوهية وحقيقة العبودية يروحون يؤلهون الأشياء والأحياء - بل يؤلهون الأشباح والأوهام ! - ويُعبدون أنفسهم لها في صور مضحكة، ولكنها بائسة !، ويقدمون لها - بوحي من الكهان والمنتفعين بأوهام العوام في كل زمان وفي كل مكان - خلاصة كدهم من الرزق الذي أعطاهم اللّه. بل إنهم ليقدمون لها فلذات أكبادهم كما يقدمون لها أرواحهم في بعض الأحيان.. وهي أشياء وأحياء لا حول لها ولا قوة، ولا تملك لهم ضراً ولا نفعاً.. وتضطرب حياتهم كلها، وهم يعيشون بين الهلع والجزع من هذه الأشياء والأحياء ; وبين التقرب والزلفى لمخلوقات مثلهم، عبوديتها للّه كعبوديتهم.. وذلك كما قال الله تعا : ١٣٦-٥ (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا. فقالوا: هذا لله - بزعمهم - وهذا لشركائنا ! فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله، وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ! ساء ما يحكمون ! وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم - ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون - وقالوا: هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء - بزعمهم - وأنعام حرمت ظهورها، وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه ! - سيجزيهم بما كانوا يفترون - وقالوا: ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا، وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء ! سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم - قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم، وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله، قد ضلوا وما كانوا مهتدين.
فهذه نماذج من تكاليف العبودية لغير الله في الأموال والأولاد ; التي تقدم لمخلوقات من خلق الله. أشياء أو أحياء ما أنزل الله بها من سلطان !


الصفحة التالية
Icon