فإن قيل : لِم آثر القَدَم هاهنا على اليد، والعرب تستعمل اليد في موضع الإِحسان؟
فالجواب : أن القدم ذكرت هاهنا للتقدم، لأن العادة جارية بتقدُّم الساعي على قدميه، والعرب تجعلها كناية عن العمل الذي يُتقدَّم فيه ولا يقع فيه تأخُّر، قال ذو الرمة :
لكم قَدَمٌ لا يُنْكِرُ النَّاسُ أَنَّها...
مع الحَسَب العادِيّ طَمَّتْ على البحر
فإن قيل : ما وجه إِضافة القدم إِلى الصدق؟
فالجواب : أن ذلك مدح للقدم، وكل شيء أضفته إِلى الصدق، فقد مدحته ؛ ومثله :﴿ أدخلني مُدْخَل صدق وأخرجْني مخرج صدق ﴾ [ الاسراء : ٨٠ ]، وقوله :﴿ في مقعد صدق ﴾ [ القمر : ٥٥ ].
وفي الكلام محذوف، تقديره : أوحينا إِلى رجل منهم، فلما أتاهم الوحي ﴿ قال الكافرون إِن هذا لسحر مبين ﴾ قرأ ابن كثير، وعاصم، وحمزة، والكسائي :"لَساحر" بألف.
وقرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر :"لَسحر" بغير ألف.
قال أبو علي : قد تقدم قوله :﴿ أن أوحينا إِلى رجل منهم ﴾ فمن قال : ساحر، أراد الرجل ؛ ومن قال : سحر، أراد الذي أُوحي، سحر، أي : الذي تقولون أنتم فيه : إِنه وحي، سحر. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon