وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ هُوَ الذي جَعَلَ الشمس ضِيَآءً ﴾
مفعولان، أي مضيئة، ولم يؤنّث لأنه مصدر ؛ أو ذات ضياء ﴿ والقمر نُوراً ﴾ عطف، أي منيراً، أو ذا نور، فالضياء ما يضيء الأشياء، والنور ما يبين فيخفى، لأنه من النار من أصل واحد.
والضياء جمع ضوء ؛ كالسياط والحياض جمع سَوط وحَوض.
وقرأ قُنْبُل عن ابن كثير "ضئَاءً" بهمز الياء ولا وجه له ؛ لأن ياءه كانت واواً مفتوحة وهي عين الفعل، أصلها ضواء فقلبت وجعلت ياء كما جعلت في الصيام والقيام.
قال المهدويّ : ومن قرأ ضئاء بالهمز فهو مقلوب، قدّمت الهمزة التي بعد الألف فصارت قبل الألف فصار ضئايا، ثم قلبت الياء همزة لوقوعها بعد ألف زائدة.
وكذلك إن قدّرت أن الياء حين تأخرت رجعت إلى الواو التي انقلبت عنها فإنها تقلب همزة أيضاً فوزنه فلاع مقلوب من فعال.
ويقال : إن الشمس والقمر تضيء وجوههما لأهل السموات السبع وظهورهما لأهل الأرضين السبع.
قوله تعالى :﴿ وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ ﴾ أي ذا منازل، أو قدر له منازل.
ثم قيل : المعنى وقدّرهما، فوحّد إيجازاً واختصاراً ؛ كما قال :﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا ﴾ [ الجمعة : ١١ ].
وكما قال :
نحن بما عندنا وأنت بما...
عندك راضٍ والرأي مختلِفُ
وقيل : إن الإخبار عن القمر وحده ؛ إذ به تحصى الشهور التي عليها العمل في المعاملات ونحوها، كما تقدّم في "البقرة".
وفي سورة يس.
﴿ والقمر قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ ﴾ [ يس : ٣٩ ] أي على عدد الشهر، وهو ثمانية وعشرون منزلاً.
ويومان للنقصان والمحاق، وهناك يأتي بيانه.
قوله تعالى :﴿ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب ﴾ قال ابن عباس : لو جعل شمسين، شمساً بالنهار وشمساً بالليل ليس فيهما ظلمة ولا ليل، لم يُعلم عدد السنين وحسابُ الشهور.
وواحد "السِّنين" سنة، ومن العرب من يقول : سنوات في الجمع.
ومنهم من يقول : سنهات.