وتطرفت الواو التي كانت عيناً بعد ألف زائدة فانقلبت همزة، وضعف ذلك بأنّ القياس الفرار من اجتماع همزتين إلى تخفيف إحداهما، فكيف يتخيل إلى تقديم وتأخير يؤدي إلى اجتماعهما ولم يكونا في الأصل، والظاهر عود الضمير على القمر أي : مسيره منازل، أو قدره ذا منازل، أو قدر له منازل، فحذف وأوصل الفعل، فانتصب بحسب هذه التقادير على الظرف أو الحال أو المفعول كقوله :﴿ والقمر قدرناه منازل ﴾ وعاد الضمير عليه وحده لأنه هو المراعى في معرفة عدد السنين والحساب عند العرب.
وقال ابن عطية : ويحتمل أن يريدهما معاً بحسب أنهما مصرفان في معرفة عدد السنين والحساب، لكنه اجتزىء بذكر أحدهما كما قال :﴿ والله ورسوله أحق أن يرضوه ﴾ وكما قال الشاعر :
رماني بأمر كنت منه ووالدي...
بريئاً ومن أجل الطوى رماني
والمنازل هي البروج، وكانت العرب تنسب إليها الأنواء، وهي ثمانية وعشرون منزلة : الشرطين، والبطين، والثريا، والدبران، والهقعة، والهنعة، والذراع، والنثرة، والطرف، والجبهة، والدبرة، والصرفة، والعواء، والسماك، والغفر، والزبانان، والإكليل، والقلب، والشولة، والنعائم، والبلدة، وسعد الذابح، وسعد بلغ، وسعد السعود، وسعد الأخبية، والفرع المؤخر، والرشاء وهو الحوت.
واللام متعلقة بقوله : وقدره منازل.
قال الأصمعي : سئل أبو عمرو عن الحساب، أفبنصبه أو بجره؟ فقال : ومن يدري ما عدد الحساب؟ انتهى.
يريد أنّ الجر إنما يكون مقتضياً أنّ الحساب يكون يعلم عدده، والحساب لا يمكن أن يعلم منتهى عدده والحساب حساب الأوقات من الأشهر والأيام والليالي مما ينتفع به في المعاش والإجارات وغير ذلك مما يضطر فيه إلى معرفة التواريخ.
وقيل : اكتفى بذكر عدد السنين من عدد الشهور، وكنى بالحساب عن المعاملات، والإشارة بذلك إلى مخلوقه.
وذلك يشار بها إلى الواحد، وقد يشار بها إلى الجمع.