فصل


قال الفخر :
﴿ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ﴾
اعلم أنه سبحانه وتعالى لما ذكر الدلائل الدالة على إثبات المبدأ، أردفه بما يدل على صحة القول بالمعاد.
وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
في بيان أن إنكار الحشر والنشر ليس من العلوم البديهية، ويدل عليه وجوه : الأول : أن العقلاء اختلفوا في وقوعه وعدم وقوعه.
وقال بإمكانه عالم من الناس، وهم جمهور أرباب الملل والأديان.
وما كان معلوم الامتناع بالبديهة امتنع وقوع الاختلاف فيه.
الثاني : أنا إذا رجعنا إلى عقولنا السليمة، وعرضنا عليها أن الواحد ضعف الاثنين، وعرضنا عليها أيضاً هذه القضية، لم نجد هذه القضية في قوة الامتناع مثل القضية الأولى.
الثالث : أنا إما أن نقول بثبوت النفس الناطقة أولا نقول به.
فإن قلنا به فقد زال الإشكال بالكلية، فإنه كما لا يمتنع تعلق هذه النفس بالبدن في المرة الأولى، لم يمتنع تعلقها بالبدن مرة أخرى.
وإن أنكرنا القول بالنفس فالاحتمال أيضاً قائم، لأنه لا يبعد أن يقال إنه سبحانه يركب تلك الأجزاء المفرقة تركيباً ثانياً، ويخلق الإنسان الأول مرة أخرى.
والرابع : أنه سبحانه ذكر أمثلة كثيرة دالة على إمكان الحشر والنشر ونحن نجمعها ههنا.
فالمثال الأول : أنا نرى الأرض خاشعة وقت الخريف، ونرى اليبس مستولياً عليها بسبب شدة الحر في الصيف.


الصفحة التالية
Icon