الثالث : أن كل من عجل شيئاً فقد طلب تعجيله، وإذا كان كذلك، فكل من كان معجلاً كان مستعجلاً، فيصير التقدير، ولو استعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير إلا أنه تعالى وصف نفسه بتكوين العجلة ووصفهم بطلبها، لأن اللائق به تعالى هو التكوين واللائق بهم هو الطلب.
المسألة الرابعة :
أنه تعالى سمى العذاب شراً في هذه الآية، لأنه أذى في حق المعاقب ومكروه عنده كما أنه سماه سيئة في قوله :﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالسيئة قَبْلَ الحسنة﴾ [ الرعد : ٦ ] وفي قوله :﴿وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا﴾ [ الشورى : ٤٠ ].
المسألة الخامسة :
قرأ ابن عامر ﴿لَقُضِىَ﴾ بفتح اللام والقاف ﴿أَجَلُهُمْ﴾ بالنصب، يعني لقضى الله، وينصره قراءة عبد الله ﴿لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ وقرأ الباقون بضم القاف وكسر الضاد وفتح الياء ﴿أَجَلُهُمْ﴾ بالرفع على ما لم يسم فاعله.
المسألة السادسة :
المراد من استعجال هؤلاء المشركين الخير هو أنهم كانوا عند نزول الشدائد يدعون الله تعالى بكشفها، وقد حكى الله تعالى عنهم ذلك في آيات كثيرة كقوله :﴿ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضر فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ﴾ [ النمل : ٥٣ ] وقوله :﴿وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا﴾ [ يونس : ١٢ ].
المسألة السابعة :
لسائل أن يسأل فيقول : كيف اتصل قوله :﴿فَنَذَرُ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا﴾ بما قبله وما معناه ؟
وجوابه أن قوله :﴿وَلَوْ يُعَجّلُ الله لِلنَّاسِ﴾ متضمن معنى نفي التعجيل، كأنه قيل : ولا يعجل لهم الشر، ولا يقضي إليهم أجلهم فيذرهم في طغيانهم أي فيمهلهم مع طغيانهم إلزاماً للحجة.
المسألة الثامنة :
قال أصحابنا : إنه تعالى لما حكم عليهم بالطغيان والعمه امتنع أن لا يكونوا كذلك.


الصفحة التالية
Icon