وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ ﴾
قيل : المراد بالإنسان هنا الكافر، قيل : هو أبو حذيفة ابن المغيرة المشرك، تصيبه البأساء والشدّة والجهد.
﴿ دَعَانَا لِجَنبِهِ ﴾ أي على جنبه مضطجعاً.
﴿ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً ﴾ وإنما أراد جميع حالاته ؛ لأن الإنسان لا يعدو إحدى هذه الحالات الثلاثة.
قال بعضهم : إنما بدأ بالمضطجع لأنه بالضر أشدّ في غالب الأمر، فهو يدعو أكثر، واجتهاده أشدّ، ثم القاعد ثم القائم.
﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ ﴾ أي استمر على كفره ولم يشكر ولم يتّعظ.
قلت : وهذه صفة كثير من المخلطين الموحدين، إذا أصابته العافية مرّ على ما كان عليه من المعاصي ؛ فالآية تعمّ الكافر وغيره.
﴿ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ ﴾ قال الأخفش : هي "كأنّ" الثقيلة خُفّفت، والمعنى كأنه ؛ وأنشد :
وَيْ كأنْ من يكن له نَشَبٌ يُحْ...
بَبْ ومن يفتقر يَعشْ عيش ضُرّ
﴿ كذلك زُيِّنَ ﴾ أي كما زين لهذا الدعاءُ عند البلاء والإعراض عند الرخاء.
﴿ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ﴾ أي للمشركين أعمالهم من الكفر والمعاصي.
وهذا التزيين يجوز أن يكون من الله، ويجوز أن يكون من الشيطان، وإضلاله دعاؤه إلى الكفر. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon