فإن كان الأول فهو أعظم الدرجات وأشرف السعادات وأكمل الخيرات، فالعاقل كيف لا يرجوه، وكيف لا يتمناه ؟ وإن كان الثاني فكذلك، لأن كل أحد يرجو من الله تعالى أن يوصله إلى ثوابه ومقامات رحمته، وإذا كان كذلك فكل من آمن بالله فهو يرجو ثوابه، وكل من لم يؤمن بالله ولا بالمعاد فقد أبطل على نفسه هذا الرجاء، فلا جرم حسن جعل عدم هذا الرجاء كناية عن عدم الإيمان بالله واليوم الآخر.
المسألة الثانية :
اللقاء هو الوصول إلى الشيء، وهذا في حق الله تعالى محال، لكونه منزهاً عن الحد والنهاية، فوجب أن يجعل مجازاً عن الرؤية، وهذا مجاز ظاهر.
فإنه يقال : لقيت فلاناً إذا رأيته، وحمله على لقاء ثواب الله يقتضي زيادة في الإضمار وهو خلاف الدليل.
واعلم أنه ثبت بالدلائل اليقينية أن سعادة النفس بعد الموت في أن تتجلى فيها معرفة الله تعالى ويكمل إشراقها ويقوى لمعانها، وذلك هو الرؤية، وهي من أعظم السعادات.
فمن كان غافلاً عن طلبها معرضاً عنها مكتفياً بعد الموت بوجدان اللذات الحسية من الأكل والشرب والوقاع كان من الضالين.
الصفة الثانية : من صفات هؤلاء الكفار قوله تعالى :﴿وَرَضُواْ بالحياة الدنيا ﴾.
واعلم أن الصفة الأولى إشارة إلى خلو قلبه عن طلب اللذات الروحانية، وفراغه عن طلب السعادات الحاصلة بالمعارف الربا نية، وأما هذه الصفة الثانية فهي إشارة إلى استغراقه في طلب اللذات الجسمانية واكتفائه بها، واستغراقه في طلبها.
والصفة الثالثة : قوله تعالى :﴿واطمأنوا بِهَا﴾
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon