لِأَنَّ الْإِنْسَانَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ قَلَّمَا يَتَذَكَّرُ مَا أُودِعَ فِي فِطْرَتِهِ مِنَ الْإِيمَانِ بِرَبِّهِ ذِي السُّلْطَانِ الْغَيْبِيِّ الَّذِي هُوَ فَوْقَ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ، وَيَشْعُرُ بِحَاجَتِهِ إِلَى اللُّجُوءِ إِلَيْهِ، وَدُعَائِهِ وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِ، إِلَّا عِنْدَ عَجْزِهِ عَنِ الْأَسْبَابِ الْمُسَخَّرَةِ لَهُ وَالْمُشْرِكُونَ بِاللهِ تَعَالَى أَقَلُّ النَّاسِ تَذَكُّرًا لِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُمْ عِنْدَ عَجْزِهِمْ عَنِ الْأَسْبَابِ الْعَامَّةِ الْمَعْلُومَةِ يَلْجَئُونَ إِلَى مَظِنَّةِ الْأَسْبَابِ الْمَوْهُومَةِ، وَهِيَ الْمَخْلُوقَاتُ الْمَعْبُودَةُ الَّتِي يَعْتَقِدُونَ أَنَّ لَهَا سُلْطَانًا غَيْبِيًّا فَوْقَ الْأَسْبَابِ، مِنْ جِنْسِ سُلْطَانِ الرَّبِّ الْخَالِقِ عَزَّ وَجَلَّ إِمَّا لِذَاتِهَا وَإِمَّا بِمَا لَهَا مِنَ الْمَكَانَةِ عِنْدَ اللهِ، وَالْمَثَلُ مَضْرُوبٌ هُنَا لِهَؤُلَاءِ.
فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ، كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ