وقال أبو حيان :
﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ﴾
قال ابن عباس والكلبي : نزلت في المستهزئين بالقرآن من أهل مكة قالوا : يا محمد ائت بقرآن غير هذا فيه ما نسألك.
وقال مجاهد وقتادة : نزلت في جماعة من مشركي مكة.
وقال مقاتل : في خمسة نفر : عبد الله بن أمية المخزومي، والوليد بن المغيرة، ومكرز بن حفص، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري، والعاص بن وائل.
وقيل : الخمسة الوليد، والعاصي، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والحرث بن حنظلة، وروي هذا عن ابن عباس.
قال الزمخشري : غاظهم ما في القرآن من ذم عبادة الأوثان والوعيد للمشركين فقالوا : ائت بقرآن آخر ليس فيه ما يغيظنا من ذلك نتبعك.
وقال ابن عطية : نزلت في قريش لأن بعض كفار قريش قال هذه المقالة على معنى : ساهلنا يا محمد، واجعل هذا الكلام الذي من قبلك هو باختيارنا، وأحل ما حرمته، وحرم ما أحللته، ليكون أمرنا حينئذ واحداً وكلمتنا متصلة انتهى.
ونبه تعالى على الوصف الحامل لهم على هذه المقالة، وهو كونهم لا يؤمنون بالبعث والجزاء على ما اقترفوه، والمعنى : وإذا تسرد عليهم آيات القرآن واضحات نيرات لا لبس فيها قالوا كيت وكيت، وأضيفت الآيات إليه تعالى لأنها كلامه جل وعز، والتبديل يكون في الذات بأن يجعل بدل ذات ذات أخرى، ويكون في الصفة.
والتبديل هنا هو في الصفة، وهو أن يزال بعض نظمه بأن يجعل مكان آية العذاب آية الرحمة، ولا يراد بالتبديل هنا أن يكون في الذات، لأنه يلزم جعل الشيء المقتضي للتغاير هو الشيء بعينه، لأن التبديل في الذات هو الإتيان بقرآن غير هذا.
ولما كان الآيتان بقرآن غير هذا غير مقدور للإنسان، لم يحتج إلى نفيه ونفي ما هو مقدور للإنسان، وإن كان مستحيلاً ذلك في حقه ( ﷺ ) فقيل له : قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي.