ومنع في "الكشف" أيضاً كون المنطوق ذلك وفرعه على كون الاستدلال من جعل الإيمان والعمل الصالح واقعين في الصلة ليجريا مجرى العلة ثم لما أعيد الإيمان مضافاً كان إشارة إلى الإيمان المقرون لما ثبت أن استعمال ذلك إنما يكون حيث معهود والمعهود السابق هو هذا والأصل عدم غيره، ثم قال : ولو سلم أن المنطوق ذلك لم يضر الزمخشري لأن العمل يعد شرطاً حينئذٍ جمعاً بين المنطوق والمفهوم بقدر الإمكان فلم يلغ اقتران العمل ولا دلالة السببية، وهذا فائدة إفراده بالذكر ثانياً مع ما فيه من الأصالة وزيادة الشرف، ولا مخالف له من الجماعة لأن العصاة غير مهديين، وأما أن كل من ليس مهتدياً فهو خالد في النار فهو ممنوع غاية المنع انتهى وفي القلب : من هذا المنع شيء والأولى التعويل على ما قدمناه في تقرير كون الآية بمعزل عن الدلالة على خلاف ما عليه الجماعة، والهداية على هذا الوجه يحتمل أن تفسر بالدلالة الموصلة إلى البغية وبمجرد الدلالة والمختار الأول، واختار الثاني من قال : إن المعنى يهديهم طريق الجنة بنور إيمانهم، وذلك أما على تقدير المضاف أو على أن إيمانهم يظهر نوراً بين أيديهم، وقيل : إن المعنى يسددهم بسبب إيمانهم للاستقامة على سلوك السبيل المؤدي إلى الثواب والهداية عليه بالمعنى الأول، وقيل : المراد يهديهم إلى إدراك حقائق الأمور فتنكشف لهم بسبب ذلك، وأياً ما كان فالالتفات في قوله سبحان :﴿ رَّبُّهُمْ ﴾ لتشريفهم بإضافة الرب إليهم مع الإشعار بعلة الهداية وقوله تعالى :﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الأنهار ﴾ أي من تحت منازلهم أو من بين أيديهم، استئناف نحوي أو بياني فلا محل له من الإعراب أو خبر ثان لأن فمحله الرفع.


الصفحة التالية
Icon