المسألة الثانية :
يحكى أن واحداً قال لجعفر الصادق : اذكر لي دليلاً على إثبات الصانع فقال : أخبرني عن حرفتك : فقال : أنا رجل أتجر في البحر، فقال : صف لي كيفية حالك.
فقال : ركبت البحر فانكسرت السفينة وبقيت على لوح واحد من ألواحها، وجاءت الرياح العاصفة، فقال جعفر : هل وجدت في قلبك تضرعاً ودعاء.
فقال نعم.
فقال جعفر : فإلهك هو الذي تضرعت إليه في ذلك الوقت.
المسألة الثالثة :
قرأ ابن عامر ﴿ينشركم﴾ من النشر الذي هو خلاف الطي كأنه أخذه من قوله تعالى :﴿فانتشروا فِى الارض﴾ [ الجمعة : ١٠ ] والباقون قرؤا ﴿يُسَيّرُكُمْ﴾ من التسيير.
المسألة الرابعة :
احتج أصحابنا بهذه الآية على أن فعل العبد يجب أن يكون خلقاً لله تعالى.
قالوا : دلت هذه الآية على أن سير العباد من الله تعالى، ودل قوله تعالى :﴿قُلْ سِيرُواْ فِى الارض﴾ [ الأنعام : ١١ ] على أن سيرهم منهم، وهذا يدل على أن سيرهم منهم ومن الله، فيكون كسبياً لهم وخلقاً لله ونظيره.
قوله تعالى :﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾ [ الأنفال : ٥ ] وقال في آية أخرى :﴿إِذْ أَخْرَجَهُ الذين كَفَرُواْ﴾ [ التوبة : ٤٠ ] وقال في آية أخرى :﴿فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا﴾ [ التوبة : ٨٢ ] ثم قال في آية أخرى ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وأبكى﴾ [ النجم : ٤٣ ] وقال في آية أخرى ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذَا رَمَيْتَ ولكن الله رمى﴾ [ الأنفال : ٧ ] قال الجبائي : أما كونه تعالى مسيراً لهم في البحر على الحقيقة فالأمر كذلك.
وأما سيرهم في البر فإنما أضيف إلى الله تعالى على التوسع.
فما كان منه طاعة فبأمره وتسهيله، وما كان منه معصية فلأنه تعالى هو الذي أقدره عليه.
وزاد القاضي فيه يجوز أن يضاف ذلك إليه تعالى من حيث إنه تعالى سخر لهم المركب في البر، وسخر لهم الأرض التي يتصرفون عليها بإمساكه لها، لأنه تعالى لو لم يفعل ذلك لتعذر عليهم السير.