وقال الآلوسى :
﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ﴾
حكاية لجناية أخرى لهم وهي عطف على قوله سبحانه :﴿ وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ﴾ [ يونس : ١٥ ] الآية عطف قصة على قصة، و﴿ مِن دُونِ ﴾ في موضع الحال من فاعل ﴿ يَعْبُدُونَ ﴾ أي متجاوزين الله تعالى إما بمعنى ترك عبادته سبحانه بالكلية لأنها لا تصح ولا تقع عبادة مع الشركة أو بمعنى عدم الاكتفاء بها وجعلها قريباً لعبادة غيره سبحانه كما اختاره البعض، و﴿ مَا ﴾ إما موصولة أو موصوفة، والمراد بها الأصنام، ومعنى كونها لا تضر ولا تنفع أنها لا تقدر على ذلك لأنها جمادات، والمقصود من هذا الوصف نفي صحة معبوديتها لأن من شأن المعبود القدرة على ما ذكر، وقيل : المعنى لا تضرهم إن تركوا عبادتها ولا تنفعهم إن عبدوها والمقصود أيضاً نفي صحة معبوديتها لأن من شأن المعبود أن يثبت عابده ويعاقب من لم يعبده، والفرق بين التفسيرين على ما قاله القطب اطلاق النفع والضر في الأول والتقييد بالعبادة وتركها في الثاني، وقيل : المقصود على الأول من الموصول الأصنام بعينها وعلى الثاني فاقد أوصاف المعبودية، ويجوز أن يدخل فيه غير الأصنام من الملائكة والمسيح عليهم السلام، والظاهر أن المراد هنا الأصنام لأن العرب إنما كانوا يعبدونها وكان أهل الطائف يعبدون اللات وأهل مكة العزى ومناة وهبل وأسافا ونائلة ﴿ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شفعاؤنا عِندَ الله ﴾ أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : كان النضر بن الحرث يقول : إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى وفيه نزلت الآية.


الصفحة التالية
Icon