(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ) فِي الْآيَةِ الْتِفَاتٌ عَنْ خِطَابِ هَؤُلَاءِ الْمَوْعُوظِينَ إِلَى الْغَيْبَةِ عَنْهُمْ، وَتَوْجِيهٌ لَهُ إِلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُسْلُوبُ الِالْتِفَاتِ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ جِدًّا، وَفَائِدَتُهُ الْعَامَّةُ تَلْوِينُ الْكَلَامِ بِمَا يُجَدِّدُ الِانْتِبَاهَ لَهُ وَالتَّأَمُّلَ فِيهِ، وَفِي كُلِّ الْتِفَاتٍ فَائِدَةٌ خَاصَّةٌ، لَوْ أَرَدْنَا بَيَانَ مَا نَفْهَمُهُ مِنْهَا لَطَالَ بِنَا بَحْثُ الْبَلَاغَةِ الْكَلَامِيَّةِ، بِمَا يَشْغَلُ الْقُرَّاءَ عَنِ الْهِدَايَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالذَّاتِ مِنْ تَفْسِيرِنَا. وَيَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ نُكْتَةَ حِكَايَةِ هَذَا الِاقْتِرَاحِ السَّخِيفِ بِأُسْلُوبِ الْإِخْبَارِ عَنْ قَوْمٍ غَائِبِينَ إِفَادَةُ أَمْرَيْنِ :(أَحَدُهُمَا) إِظْهَارُ الْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ كَأَنَّهُمْ غَيْرُ حَاضِرِينَ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ الْخِطَابَ بِهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى :(ثَانِيهِمَا) تَلْقِينُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجَوَابَ عَنْهُ بِمَا تَرَى مِنَ الْعِبَارَةِ الْبَلِيغَةِ التَّأْثِيرِ، وَالْمَعْنَى : وَإِذَا تُتْلَى عَلَى أُولَئِكَ الْقَوْمِ آيَاتُنَا الْمُنَزَّلَةُ حَالَةَ كَوْنِهَا بَارِزَةً فِي أَعْلَى مَعَارِضِ الْبَيَانِ، وَأَظْهَرِ مُقَدِّمَاتِ الْوَحْيِ وَالْبُرْهَانِ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا


الصفحة التالية
Icon