وقال ابن عطية :
قوله :﴿ والذين كسبوا السيئات ﴾ الآية
اختلف النحويون في رفع " الجزاء " بم هو ؟ فقالت فرقة : التقدير لهم جزاء سيئة بمثلها، وقالت فرقة : التقدير جزاء سيئة مثلها والباء زائدة.
قال القاضي أبو محمد : ويتوجه أن يكون رفع " الجزاء " على المبتدأ وخبره في ﴿ الذين ﴾ لأن ﴿ الذين ﴾ معطوف على قوله ﴿ للذين أحسنوا ﴾ فكأنه قال والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها، وعلى الوجه الآخر فقوله ﴿ والذين كسبوا السيئات ﴾ رفع بالابتداء، وتعم ﴿ السيئات ﴾ ها هنا الكفر والمعاصي فمثل سيئة الكفر التخليد في النار، ومثل سيئة المعاصي مصروف إلى مشيئة الله تعالى. و" العاصم " المنجي "، ومنه قوله تعالى ﴿ إلى جبل يعصمني من الماء ﴾ [ هود : ٤٣ ]. و﴿ أغشيت ﴾ كسيت ومنه الغشاوة، و" القطع " جمع قطعة، وقرأ ابن كثير والكسائي " قطْعاً " من الليل بسكون الطاء، وقرأ الباقون بفتح الطاء، و" القطع " الجزء من الليل ومنه قوله تعالى :﴿ فاسر بأهلك بقطع من الليل ﴾ [ هود : ٨١ ] وهذا يراد به الجزء من زمان الليل، وفي هذه الآية الجزء من سواده. و﴿ مظلماً ﴾، نعت ل " قطع "، ويجوز أن يكون حالاً من الذكر الذي في قوله ﴿ من الليل ﴾، فإذا كان نعتاً فكان حقه أن يكون قبل الجملة ولكن قد يجيء بعدها، وتقدير الجملة قطعاً استقر من الليل " مظلماً " على نحو قوله تعالى :﴿ وهذا كتاب أنزلناه مبارك ﴾ [ الأنعام : ١٥٥ ] ومن قرأ " قطعاً " على جمع قطعة فنصب " مظلماً " على الحال ﴿ من الليل ﴾ والعامل في الحال ﴿ من ﴾ إذ هي العامل في ذي الحال، وقرأ أبي بن كعب، " كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل وظلم "، وقرأ ابن أبي عبلة " قطَع من الليل مظلم " بتحريك الطاء في قطع. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾