( الحشر ) الجمع من كل جانب إلى موقف واحد و ﴿جَمِيعاً﴾ نصب على الحال أي نحشر الكل حال اجتماعهم.
و﴿مَكَانَكُمْ﴾ منصوب بإضمار الزموا.
والتقدير : الزموا مكانكم و ﴿أَنتُمْ﴾ تأكيد للضمير ﴿وَشُرَكَاؤُكُمْ﴾ عطف عليه.
واعلم أن قوله :﴿مَكَانَكُمْ﴾ كلمة مختصة بالتهديد والوعيد والمراد أنه تعالى يقول للعابدين والمعبودين مكانكم أي الزموا مكانكم حتى تسألوا، ونظيره قوله تعالى :﴿احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مسؤولون﴾ [ الصافات : ٢٢ ٢٤ ].
أما قوله :﴿فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ﴾ ففيه بحثان :
البحث الأول : أن هذه الكلمة جاءت على لفظ المضي بعد قوله :﴿ثُمَّ نَقُولُ﴾ وهو منتظر، والسبب فيه أن الذي حكم الله فيه، بأن سيكون صار كالكائن الراهن الآن، ونظيره قوله تعالى :﴿وَنَادَى أصحاب الجنة﴾ [ الأعراف : ٤٤ ].
البحث الثاني :( زيلنا ) فرقنا وميزنا.
قال الفراء : قوله :﴿فَزَيَّلْنَا﴾ ليس من أزلت، إنما هو من زلت إذا فرقت.
تقول العرب : زلت الضأن من المعز فلم تزل.
أي ميزتها فلم تتميز، ثم قال الواحدي : فالزيل والتزييل والمزايلة، والتمييز والتفريق.
قال الواحدي : وقرىء ﴿فزايلنا بَيْنَهُمْ﴾ وهو مثل ﴿فَزَيَّلْنَا﴾ وحكى الواحدي عن ابن قتيبة أنه قال في هذه الآية : هو من زال يزول وأزلته أنا، ثم حكى عن الأزهري أنه قال : هذا غلط، لأنه لم يميز بين زال يزول، وبين زال يزيل، وبينهما بون بعيد، والقول ما قاله الفراء، ثم قال المفسرون :﴿فَزَيَّلْنَا﴾ أي فرقنا بين المشركين وبين شركائهم من الآلهة والأصنام، وانقطع ما كان بينهم من التواصل في الدنيا.
وأما قوله :﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾ ففيه مباحث :