واختلفوا في أنتم، فالظاهر ما ذكرناه من أنه تأكيد للضمير المستكن في مكانكم، وشركاؤكم عطف على ذلك الضمير المستكن وهو قول الزمخشري قال : وأنتم أكّد به الضمير في مكانكم لسده مسد قوله : الزموا وشركاؤكم عطف عليه انتهى.
يعني عطفاً على الضمير المستكن، وتقديره : الزموا، وأنّ مكانكم قام مقامه، فيحمل الضمير الذي في الزموا ليس بجيد، إذ لو كان كذلك لكان مكانك الذي هو اسم فعل يتعدى كما يتعدى الزموا.
ألا ترى أن اسم الفعل إذا كان الفعل لازماً كان اسم الفعل لازماً، وإذا كان متعدياً كان متعدياً مثال ذلك : عليك زيداً لما ناب مناب، الزم تعدى.
وإليك لما ناب مناب تنح، لم يتعد.
ولكون مكانك لا يتعدى، قدره النحويون اثبت، واثبت لا يتعدى.
قال الحوفي : مكانكم نصب بإضمار فعل أي : الزموا مكانكم أو اثبتوا.
وقال أبو البقاء : مكانكم ظرف مبني لوقوعه موقع الأمر، أي الزموا انتهى.
وقد بينا أن تقدير الزموا ليس بجيد، إذ لم تقل العرب مكانك زيداً فتعديه، كما تعدى الزم.
وقال ابن عطية : أنتم رفع بالابتداء، والخبر مخزيون أو مهانون ونحوه انتهى.
فيكون مكانكم قد تم، ثم أخبر أنهم كذا، وهذا ضعيف لفك الكلام الظاهر اتصال بعض أجزائه ببعض، ولتقدير إضمارلا ضرورة تدعو إليه، ولقوله : فزيلنا بينهم، إذ يدل على أنهم ثبتوا هم وشركاؤكم في مكان واحد حتى وقع التزييل بينهم وهو التفريق.
ولقراءة من قرأ أنتم وشركاءكم بالنصب على أنه مفعول معه، والعامل فيه اسم الفعل.
ولو كان أنتم مبتدأ وقد حذف خبره، لما جاز أن يأتي بعده مفعول معه تقول : كل رجل وضيعته بالرفع، ولا يجوز فيه النصب.
وقال ابن عطية أيضاً : ويجوز أن يكون أنتم تأكيداً للضمير الذي في الفعل المقدر الذي هو قفوا أو نحوه انتهى.