وقال أبو السعود :
﴿ هُنَالِكَ ﴾ أي في ذلك المقام الدهِش، أو في ذلك الوقت على استعارة ظرفِ المكان للزمان ﴿ تبلو ﴾ أي تختبر وتذوق ﴿ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ ﴾ مؤمنةً كانت أو كافرةً سعيدةً أو شقية ﴿ مَّا أَسْلَفَتْ ﴾ من العمل وتعاينه بكُنهه مستتبِعاً لآثاره من نفع أوضُرَ وخيرٍ أو شر، وأما ما علِمتْ من حالها من حين الموتِ والابتلاءِ بالعذاب في البرزخ فأمرٌ مجملٌ وقرىء نبلو بنونِ العظمةِ ونصبِ كلُّ وإبدالِ ما منه أي نعاملها معاملةَ من يبلوها ويتعرّفُ أحوالَها من السعادة والشقاوةِ باختبار ما أسلفت من العمل، ويجوزُ أن يُراد نُصيب بالبلاء أي العذاب كلَّ نفسٍ عاصيةٍ بسبب ما أسلفت من الشر فيكون ما منصوبةً بنزع الخافضِ وقرىء تتلو أي تتبع لأن عملَها هو الذي يهديها إلى طريق الجنةِ أو إلى طريق النارِ، أو تقرأ في صحيفه أعمالِها ما قدمت من خير أو شر ﴿ وَرُدُّواْ ﴾ الضمير الذين أشركوا على أنه معطوفٌ على زيلنا وما عطف عليه قوله عز وجل :﴿ هُنَالِكَ تَبْلُواْ ﴾ الخ، اعتراضٌ في أثناء الحكايةِ مقرّرٌ لمضمونها ﴿ إِلَى الله ﴾ أي جزائه وعقابه ﴿ مولاهم ﴾ ربِّهم ﴿ الحق ﴾ أي المتحقق الصادِق ربوبيتُه لا ما اتخذوه باطلاً وقرىء الحقَّ بالنصب على المدح كقولهم : الحمدُ لله أهلَ الحمد أو على المصدر المؤكد.