وقال ابن عطية فى الآيات :
﴿ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾
هذا توقيف أيضاً على قصور الأصنام وعجزها، وتنبيه على قدرة الله عز وجل، و" بدء الخلق " يريد به إنشاء الإنسان في أول أمره، و" إعادته " هي البعث من القبور، و﴿ تؤفكون ﴾ معناه : تصرفون وتحرمون، تقول العرب : أرض مأفوكة إذا لم يصبها مطر فهي بمعنى الخيبة والقلب، كما قال ﴿ والمؤتفكة أهوى ﴾ [ النجم : ٥٣ ] وقوله تعالى ﴿ قل هل من شركائكم من يهدي ﴾ الآية، ﴿ يهدي إلى الحق ﴾ يريد به يبين الطرق والصواب ويدعو إلى العدل ويفصح بالآيات ونحو هذا، ووصف الأصنام بأنها لا تهدي إلا أن تهدى، ونحن نجدها لا تهتدي وإن هديت، فوجه ذلك أنه عامل في العبارة عنها معاملتهم في وصفها بأوصاف من يعقل وذلك مجاز وموجود في كثير من القرآن، وذكر ذلك أبو علي الفارسي، والذي أقول : أن قراءة حمزة والكسائي تحتمل أن يكون المعنى أمن لا يهدي أحداً إلا أن يهدى ذلك الأحد بهداية من عند الله، وأما على غيرها من القراءات التي مقتضاها " أمن لا يهتدي إلا أن يهدى " فيتجه المعنى على ما تقدم لأبي علي الفارسي، وفيه تجوز كثير، وقال بعضهم : هي عبارة عن أنها لا تنتقل إلا أن تنقل، ويحتمل أن يكون ما ذكر الله من تسبيح الجمادات هو اهتداؤها ويحتمل أن يكون الاستثناء في اهتدائها إلى مناكرة الكفار يوم القيامة، حسبما مضى في هذه السورة، وقراءة حمزة والكسائي هي " يَهْدي " بفتح الياء وسكون الهاء، وقرأ نافع وأبو عمرو وشيبة والأعرج وأبو جعفر " يَهْدّي " بسكون الهاء وتشديد الدال، وقرأ ابن كثير وابن عكامر " يَهَدي " بفتح الياء والهاء، وهذه أفصح القراءات، نقلت حركة تاء " يهتدي " إلى الهاء وأدغمت التاء في الدال، وهذه رواية ورش عن نافع وقرأ عاصم في رواية حفص " يَهِدّي " بفتح الياء وكسر الهاء وشد الدال، أتبع الكسرة الكسرة، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر، " يِهِدّي " بكسر الياء والهاء وشد الدال وهذا أيضاً إتباع وقال مجاهد : الله يهدي من


الصفحة التالية
Icon