وقال الآلوسى :
﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾
﴿ قُلْ ﴾ أي لأولئك المشركين الذين حيكت أحوالهم وبين ما يؤدي إليه أفعالهم التي هي أفعى لهم احتجاجاً على حقية التوحيد وبطلان ما هم عليه من الاشراك.
﴿ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السماء والأرض ﴾ أي منهما جميعاً فإن الارزاق تحصل بأسباب سماوية كالمطر وحرارة الشمس المنضجة وغير ذلك ومواد أرضية والأولى بمنزلة الفاعل والثانية بمنزلة القابل أو من كل واحد منهما بالاستقلال كاللأمطار والمن والأغذية الأرضية توسعة عليكم فمن على هذا لابتداء الغاية، وقيل : هي لبيان ﴿ مِنْ ﴾ على تقدير المضاف، وقيل : تبعيضية على ذلك التقدير أي من أهل السماء والأرض ﴿ أَمَّن يَمْلِكُ السمع والابصار ﴾ ﴿ أَمْ ﴾ منقطعة بمعنى بل والاضراب انتقالي لا ابطالي وفيه تنبيه على كفاية هذا الاستفهام فيما هو المقصود أي من يستطيع خلقهما وتسويتهما على هذه الفطرة العجيبة ومن وقف على تشريحهما وقف على ما يبهر العقول أو من يحفظهما من الآفات مع كثرتها وسرعة انفعالهما عن أدنى شيء يصيبهما أو من يتصرف بهما ادهابا وابقاء، والملك على كل مجاز، قيل : والمعنى الأول أوفق لنظم الخالقية مع الرازقية كقوله تعالى :﴿ هَلْ مِنْ خالق غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مّنَ السماء والأرض ﴾ [ فاطر : ٣٥ ] ﴿ وَمَن يُخْرِجُ الحى مِنَ الميت وَيُخْرِجُ الميت مِنَ الحى ﴾ أي ومن ينشىء الحيوان من النطفة مثلا والنطفة من الحيوان أو من يحيي أو يميت بأن يكون المراد بالإخراج التحصيل من قولهم : الخارج كذا أي الحاصل أي من يحصل الحي من الميت بأن يفيض عليه الحياة ويحصل الميت من الحي بأن يفيض عليه الموت ويسلب عنه الحياة والمآل ما علمت، ومن الناس من فسر الحي والميت هنا بالمؤمن والكافر والأول أولى ﴿ وَمَن يُدَبّرُ الأمر ﴾ أي ومن يلي تدبير أم العالم جميعاً وهو تعميم بعد تخصيص ما اندرج تحته من الأمور الظاهرة بالذكر، وفيه إشارة إلى أن الكل منه سبحانه وإليه وأنه لا يمكنكم علم تفاصيله ﴿ فَسَيَقُولُونَ ﴾ بلا تلعثم ولا تأخير ﴿ الله ﴾ إذ لا مجال للمكابرة والعناد في شيء من ذلك لغاية وضوحه، والاسم الجليل مبتدأ والخبر محذوف أي الله