وفي جعل الإضافة للمفعول مبالغة في نفي الافتراء عنه لأن ما يثبت ويظهر به صدق غيره فهو أولى بالصدق، ووجه كونه مصدقاً لها أنه دال على نزولها من عند الله تعالى ومشتمل على قصص الأولين حسبما ذكر فيها وهو معجز دونها فهو الصالح لأن يكون حجة وبرهاناً لغيره لا بالعكس، وزعم بعضهم أن المراد من ﴿ الذى بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ أخبار الغيوب والإضافة للفاعل، وتصديقها له مجيئها على وفق ما أخبر به وليس بشيء، ونصب التصديق على العطف على خبر كان أو على أنه خبر لكان مقدرة، وقيل : على أنه مفعول لأجله لفعل مقدر.
أي أنزل لتصديق ذلك، وجعل العلة هنا ما ذكر مع أنه أنزل لأمور لأنه المناسب لمقام رد دعوى افترائه، وقيل : نصب على المصدرية لفعل مقدر أي صدق تصديق الخ، وقرأ عيسى بن عمرو الثقفي برفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أي ولكن هو تصديق الخ وكذا قرأ بالرفع في قوله تعالى :﴿ وَتَفْصِيلَ الكتاب ﴾ أي ما كتب وأثبت من الحقائق والشرائع، والعطف نصباً أو رفعاً على ﴿ تَصْدِيقَ ﴾ وقوله سبحانه :﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ خبر آخر للكن أو للمبتدأ المقدر، وفصل لأنه جملة مؤكدة لما قبلها، وجوز أن يكون حالاً من الكتاب وإن كان مضافاً إليه فإنه مفعول في المعنى وأن يكون استئنافاً نحوياً لا محل له من الإعراب أو بيانياً جواباً للسؤال عن حال الكتاب والأول أظهر، والمعنى لا ينبغي لعاقل أن يرتاب فيه لوضوح برهانه وعلو شأنه ﴿ مِن رَّبّ العالمين ﴾ خبر آخر لكان أو المبتدأ المقدر كما مر في سابقه أو متعلق بتصديق أو بتفصيل أو بالفعل المعلل بهما أو متعلق بمحذوف وقع حالاً من الكتاب و﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ اعتراض لئلا يلزم الفصل بالأجنبي بين المتعلق والمتعلق أو الحال وذيها.
وجوز أن يكون حالاً من الضمير المجرور في ﴿ فِيهِ ﴾. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١١ صـ ﴾