وقال ابن عطية :
قوله :﴿ أم يقولونه افتراه ﴾ الآية
﴿ أم ﴾ هذه ليست بالمعادلة لألف الاستفهام التي في قولك أزيد قام أم عمرو، وإنما هي تتوسط الكلام، ومذهب سيبويه أنها بمنزلة الألف وبل لأنها تتضمن استفهاماً وإضراباً عما تقدم، وهي كقوله : إنها لا بل أم شاء، وقالت فرقة في ﴿ أم ﴾ هذه : هي بمنزلة ألف الاستفهام، ثم عجزهم في قوله ﴿ قل فأتوا بسورة مثله ﴾ والسورة مأخوذة من سورة البناء وهي من القرآن هذه القطعة التي لها مبدأ وختم، والتحدي في هذه الآية وقع بجهتي الإعجاز اللتين في القرآن : إحداهما النظم والرصف والإيجاز والجزالة، كل ذلك في التعريف بالحقائق، والأخرى المعاني من الغيب لما مضى ولما يستقبل، وحين تحداهم بعشر مفتريات إنما تحداهم بالنظم وحده.
قال القاضي أبو محمد : هكذا قول جماعة من المتكلمين، وفيه عندي نظر، وكيف يجيء التحدي بمماثلة في الغيوب رداً على قولهم ﴿ افتراه ﴾، وما وقع التحدي في الآيتين هذه وآية العشر السور إلا بالنظم والرصف والإيجاز في التعريف بالحقائق، وما ألزموا قط إتياناً بغيب، لأن التحدي بالإعلام بالغيوب كقوله


الصفحة التالية
Icon