وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾
أي : أن الحق سبحانه يقول لرسوله ﷺ : اسألهم هذا السؤال، ولا يسأل هذا السؤال إلا مَنْ يثق في أن المسئول لو أدار في ذهنه كل الأجوبة، فلن يجد جواباً غير ما عند السائل.
ومثال ذلك من حياتنا والله المثل الأعلى إن جاء لك من يقول : أبي يهملني، فتمسك به، وتسأله : من جاء لك بهذه الملابس وذلك القلم ويُطعمك ويُعلِّمك؟ سيقول لك : أبي.
وأنت لا تسأله هذا السؤال إلا وأنت واثق أنه لو أدار كل الأجوبة فلن يجد جواباً إلا الذي تتوقعه منه، فليس عنده إجابة أخرى ؛ لأنك لون كنت تعرف أنه سوف يجيبك إجابة مختلفة لما سألته فكأنك ارتضيت حكمه هو في المسألة.
والحق سبحانه وتعالى قال في بداية هذه الآية الكريمة :﴿ قُلْ ﴾ كما أنزل عليه مثيلاتها مما بُدىء بقوله سبحانه :﴿ قُلْ ﴾ مثل قوله سبحانه :
﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ﴾ [ الصمد : ١ ].
وهذا ما اقتضاه خطاب الحق سبحانه دائماً للخَلْق، ويختلف عن خطاب الخَلْق للخَلْق، فحين تقول لابنك :" اذهب إلى عمِّك، وقُلْ له كذا ". فالابن يذهب إلى العمِّ ويقول له منطوق رسالة الأب، دون أن يقول له :" قُلْ "، أما خطاب الحق سبحانه للخلق، فقد شاء سبحانه أن يبلِّغنا به رسوله الله ﷺ كما نزل ﴿ قُلْ ﴾ فالرسول ﷺ أمين في البلاغ عن الله تعالى، لا يترك كلمة واحدة من الوحي دون أن يبلِّغها للبشر، وما دام الحق سبحانه وتعالى هو الذي أمره، فهو يبلغ ما أمِرَ، حتى لا يحرم آذان خلق الله تعالى من كل لفظ صدر عن الله سبحانه.
وكذلك أمر الحق سبحانه هنا لرسوله ﷺ بأن يقول :﴿ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السمآء والأرض ﴾ [ يونس : ٣١ ].