وقال الآلوسى :
﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ﴾
أم منقطعة وهي مقدرة ببل والهمزة عند سيبويه والجمهور أي بل أيقولون، وبل انتقالية والهمزة لإنكار الواقع واستبعاده أي ما كان ينبغي ذلك، وجوز أن تكون للتقرير لإلزام الحجة والمعنيان على ما قيل متقاربان، وقيل : إن أم متصلة ومعادلها مقدر أي أتقرون به أم تقولون افتراه، وقيل : هي استفهامية بمعنى الهمزة، وقيل : عاطفة بمعنى الواو والصحيح الأول، وأياً ما كان فالضمير المستتر للنبي ﷺ وإن لم يذكر لأنه معلوم من السياق ﴿ قُلْ ﴾ تبكيتاً لهم وإظهاراً لبطلان مقالتهم الفاسدة إن كان الأمر كما تقولون ﴿ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ ﴾ طويلة كانت أو قصيرة ﴿ مّثْلِهِ ﴾ في البلاغة وحسن الارتباط وجزالة المعنى على وجه الافتراء، وحاصله على ما قيل : إن كان ذاك افتراء مني فافتروا سورة مثله فإنكم مثلي في العربية والفصاحة وأشد تمرناً واعتياداً في النظم والنثر، وعلى هذا فالمراد بإتيان المخاطبين بذلك إنشاؤهم له والتكلم به من عند أنفسهم لا ما يعم ذلك وإيراده من كلام الغير ممن تقدم، وجوز أن يكون المراد ما ذكر ولعله السر في العدول عن قولوا سورة مثله مثلاً إلى ما في النظم الكريم، أي إن كان الأمر كما زعمتم فأتوا من عند أنفسكم أو ممن تقدمكم من فصحاء العرب وبلغائها كامرىء القيس وزهير وأضرابهما بسورة مماثلة له في صفاته الجليلة فحيث عجزتم عن ذلك مع شدة تمرنكم ولم يوجد في كلام أولئك وهم الذن نصبت لهم المنابر في عكاظ الفصاحة والبلاغة وبهم دارت حا النظم والنثر وتصرمت أيامهم في الإنشاء والإنشاد دل على أنهل يس من كلام البشر بل هو من كلام خالق القوى والقدر.
وقرىء ﴿ بِسُورَةٍ مّثْلِهِ ﴾ على الإضافة أي بسورة كتاب مثله ﴿ وادعوا ﴾ للمعاونة والمظاهرة.


الصفحة التالية
Icon