وقال أبو حيان :
﴿ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ﴾
أي وإن تمادوا على تكذيبك فتبرأ منهم قد أعذرت وبلغت كقوله :﴿ فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون ﴾ ومعنى لي عملي أي : جزاء عملي ولكم جزاء عملكم.
ومعنى عملي الصالح المشتمل على الإيمان والطاعة، ولكم عملكم المشتمل على الشرك والعصيان.
والظاهر أنها آية منابذة لهم وموادعة، وضمنها الوعيد كقوله :﴿ قل يا أيها الكافرون ﴾ السورة.
وقيل : المقصود بذلك استمالتهم وتأليف قلوبهم.
وقال قوم منهم ابن زيد : هي منسوخة بالقتال لأنها مكية، وهو قول : مجاهد، والكلبي، ومقاتل.
وقال المحققون : ليست بمنسوخة، ومدلولها اختصاص كل واحد بأفعاله، وثمراتها من الثواب والعقاب، ولم ترفع آية السيف شيئاً من هذا.
وبدأ في المأمور بقوله : لي عملي لأنه آكد في الانتفاء منهم وفي البراءة بقوله : أنتم بريئون مما أعمل، لأنّ هذه الجملة جاءت كالتوكيد والتتميم لما قبلها، فناسب أنْ تلي قوله : ولكم عملكم.
ولمراعاة الفواصل، إذ لو تقدم ذكر براءة كما تقدم ذكر لي عملي لم تقع الجملة فاصلة، إذ كان يكون التركيب وأنتم بريئون مما أعمل. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon