وقال الآلوسى :
﴿ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن الله الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾
احتجاج آخر على حقية التوحية وبطلان الإشراك، ولم يعطف إيذاناً باستقلاله في إثبات المطلوب، والسؤال للتبكيت والإلزام، وجعل سبحانه الإعادة لسطوع البراهين القائمة عليها بمنزلة البدء في إلزامهم ولم يبال بإنكارهم لها لأنهم مكابرون فيه والمكابر لا يلتفت إليه فلا يقال : إن مثل هذا الاحتجاج إنما يتأتى على من اعترف بأن من خواص الإلهية بدء الخلق ثم إعادته ليلزم من نفيه عن الشركاء نفي الإلهية وهم غير مقرين بذلك، ففي الآية الإشارة إلى أن الإعادة أمر مكشوف ظاهر بلغ في الظهور والجلاء بحيث يصح أن يثبت فيه دعوى أخرى، وجعل ذلك الطيبي من صنعة الادماج كقول ابن نباتة :
فلا بد لي من جهلة في وصاله...
فمن لي بخل أودع الحلم عنده
فقد ضمن الغزل الفخر بكونه حليماً والفخر شكاية الإخوان ﴿ قُلِ الله الله الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾ قيل هو أمر له ﷺ بأن يبين لهم من يفعل ذلك أي قل لهم الله سبحانه هو يفعلهما لا غيره كائناً ما كان لا بأن ينوب عليه الصلاة والسلام عنهم في الجواب كما قاله غير واحد لأن المقول المأمور به غير ما أريد منهم من الجواب وإن كان مستلزماً له إذ ليس المسؤول عنه من يبدأ الخلق ثم يعيده كما في قوله سبحانه :﴿ قُلْ مَن رَّبُّ السموات والأرض قُلِ الله ﴾ [ الرعد : ١٦ ] حتى يكون القول المأمور به عين الجواب الذي أريد منهم ويكون ﷺ نائباً عنهم في ذلك بل إنما هو وجود من يفعل البدء والإعادة من شركائهم فالجواب المطلوب منهم لا لا غير.