الثانية : قرأ نافع ساكنة الهاء مشددة الدال أدغمت التاء في الدال وتركت الهاء على حالها، فجمع في قراءته بين ساكنين كما جمعوا في ﴿يَخِصّمُونَ﴾ [ يس : ٤٩ ] قال علي بن عيسى وهو غلط على نافع.
الثالثة : قرأ أبو عمرو بالإشارة إلى فتحة الهاء من غير إشباع فهو بين الفتح والجزم مختلسة على أصل مذهبه اختياراً للتخفيف، وذكر علي بن عيسى أنه الصحيح من قراءة نافع.
الرابعة : قرأ عاصم بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال فراراً من التقاء الساكنين، والجزم يحرك بالكسر.
الخامسة : قرأ حماد ويحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم بكسر الياء والهاء أتبع الكسرة للكسرة.
وقيل : هو لغة من قرأ ﴿نستعين ونعبد﴾ السادسة : قرأ حمزة والكسائي ﴿مَّن يَهْدِى﴾ ساكنة الهاء وبتخفيف الدال على معنى يهتدي والعرب تقول : يهدي، بمعنى يهتدي يقال : هديته فهدى أي اهتدى.
المسألة الرابعة :
في لفظ الآية إشكال، وهو أن المراد من الشركاء في هذه الآية الأصنام وأنها جمادات لا تقبل الهداية، فقوله :﴿أَم مَّنْ لاَّ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يَهْدِي﴾ لا يليق بها.
والجواب من وجوه : الأول : لا يبعد أن يكون المراد من قوله :﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ هو الأصنام.
والمراد من قوله :﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَهْدِى إِلَى الحق﴾ رؤساء الكفر والضلالة والدعاة إليها.
والدليل عليه قوله سبحانه :﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أَرْبَاباً مّن دُونِ الله﴾ إلى قوله :﴿لاَّ إله إِلاَّ هُوَ سبحانه عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [ التوبة : ٣١ ] والمراد أن الله سبحانه وتعالى هدى الخلق إلى الدين الحق بواسطة ما أظهر من الدلائل العقلية والنقلية.
وأما هؤلاء الدعاة والرؤساء فإنهم لا يقدرون على أن يهدوا غيرهم إلا إذا هداهم الله تعالى، فكان التمسك بدين الله تعالى أولى من قبول قول هؤلاء الجهال.