وقال السمرقندى :
﴿ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَهْدِى إِلَى الحق ﴾
يقول هل يقدر أحد من آلهتكم أن يهدي إلى الحق أي يدعو الخلق إلى الإسلام؟ فقالوا : لا.
﴿ قُلِ الله يَهْدِى لِلْحَقّ ﴾، يعني : يدعو الخلق إلى الإسلام ويوفق من كان أهلاً لذلك ﴿ أَفَمَن يَهْدِى إِلَى الحق أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ ﴾، أي من يدعو إلى الحق أحق أن يعمل بأمره ويعبد؟ ﴿ أَمَّن لاَّ يَهِدِّى ﴾ طريقاً ولا يهتدي ﴿ إِلاَّ أَن يهدى ﴾، يعني : لا يمشي بنفسه إلا أن يحمل من مكان إلى مكان.
قرأ نافع وأبو عمر ﴿ أَمَّن لاَّ يَهِدِّى ﴾ بجزم الهاء وتشديد الدال لأن أصله في اللغة يهتدي فادغم التاء في الدال وأقيم التشديد مقامه ؛ وقرأ ابن كثير وابن عامر ونافع في رواية ورش ﴿ يَهْدِى ﴾ بنصب الياء والهاء وتشديد الدال، لأن حركة التاء وقعت على الهاء وقرأ عاصم في رواية حفص ﴿ يَهْدِى ﴾ بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال لأنه لما اجتمع الساكنان حرك أحدهما بالكسر، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر ﴿ يَهْدِى ﴾ بكسر الياء والهاء وتشديد الدال فأتبع الكسرة الكسرة ؛ وقرأ حمزة والكسائي ﴿ يَهْدِى ﴾ بجزم الهاء وتخفيف الدال ويكون معناه لا يهتدي.
قال الكسائي : قوم من العرب يقول : هديت الطريق بمعنى اهتديت، فهذه خمس من القراءات في هذه الآية.
ثم قال :﴿ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ ؟ كيف تقضون لأنفسكم؟ يعني : تقولون قولاً ثم ترجعون.
ويقال :﴿ مَا لَكُمْ ﴾ كلام تام، فكأنه قيل لهم : أي شيء لكم في عبادة الأوثان.
ثم قيل لهم ﴿ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ أي على أي حال تحكمون؟ ويقال : معناه كيف تعبدون آلهتكم بلا حجة ولا تعبدون الله بعد هذا البيان لكم؟. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾