وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يهدي إِلَى الحق ﴾
يقال : هداه للطريق وإلى الطريق بمعنًى واحد ؛ وقد تقدم.
أي هل من شركائكم من يُرشد إلى دين الإسلام ؛ فإذا قالوا لا ولا بدّ منه ف "قُلْ" لهم ﴿ الله يَهْدِي لِلْحَقِّ ﴾ ثم قل لهم موبِّخاً ومقرراً.
﴿ أَفَمَن يهدي ﴾ أي يرشد.
﴿ إِلَى الحق ﴾ وهو الله سبحانه وتعالى.
﴿ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يهدي إِلاَّ أَن يهدى ﴾ يريد الأصنام التي لا تهدي أحداً، ولا تمشي إلا أن تُحمل، ولا تنتقل عن مكانها إلا أن تنقل.
قال الشاعر :
للفتى عقلٌ يعيش به...
حيث تَهْدِي ساقَه قَدَمُهْ
وقيل : المراد الرؤساء والمضلون الذين لا يرشدون أنفسهم إلى هُدًى إلا أن يُرْشَدوا.
وفي "يَهدِي" قراءات ست :
الأُولى قرأ أهل المدينة إلا وَرْشاً "يَهْدّي" بفتح الياء وإسكان الهاء وتشديد الدال ؛ فجمعوا في قراءتهم بين ساكنين كما فعلوا في قوله :﴿ لاَ تَعْدُواْ ﴾ وفي قوله :"يَخْصِّمُونَ" قال النحاس : والجمع بين الساكنين لا يقدر أحد أن ينطق به.
قال محمد بن يزيد : لا بد لمن رام مثل هذا أن يحرك حركة خفيفة إلى الكسر، وسيبويه يسمي هذا اختلاس الحركة.
الثانية قرأ أبو عمرو وقالون في روايةٍ بين الفتح والإسكان، على مذهبه في الإخفاء والاختلاس.
الثالثة قرأ ابن عامر وابن كثير وورش وابن مُحَيْصن "يَهَدّي" بفتح الياء والهاء وتشديد الدال.
قال النحاس : هذه القراءة بيّنة في العربية، والأصل فيها يهتدي أدغمت التاء في الدال وقلبت حركتها على الهاء.
الرابعة قرأ حفص ويعقوب والأعمش عن أبي بكر مثل قراءة ابن كَثير، إلا أنهم كسروا الهاء، قالوا : لأن الجزم إذا اضطر إلى حركته حُرّك إلى الكسر.
قال أبو حاتم : هي لغة سُفْلَى مضر.


الصفحة التالية
Icon