لَا يُفِيدُهُمْ شَيْئًا، وَسَنُبَيِّنُ هَذِهِ الْحِكْمَةَ فِي إِبْهَامِهِ. فَالْمَعْنَى : وَإِنْ نُرِيَنَّكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ مِنَ الْعِقَابِ فِي الدُّنْيَا فَذَاكَ - وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ سَيُرِيهِ بَعْضَهُ لَا كُلَّهُ، (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) بِقَبْضِكَ إِلَيْنَا قَبْلَ إِرَاءَتِكَ إِيَّاهُ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ وَعَلَيْنَا حِسَابُهُمْ حَيْثُ يَكُونُ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْهُ وَهُوَ عِقَابُ الْآخِرَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا جَوَابَ الشَّرْطِ بِقِسْمَيْهِ، وَالْمَعْنَى : فَإِلَيْنَا وَحْدَنَا يَرْجِعُ أَمْرُهُمْ فِي الْحَالَيْنِ (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ) بَعْدَكَ أَوْ مُطْلَقًا فَيَجْزِيهِمْ بِهِ عَلَى عِلْمٍ وَشَهَادَةٍ حَقٍّ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُمْ مِمَّا حَكَاهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي تَرَبُّصِهِمْ مَوْتَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتِرَاحَتِهُمْ مِنْ دَعْوَتِهِ وَنُذُرِهِ بِمَوْتِهِ كَمَا تَرَاهُ فِي سُورَةِ الطُّورِ وَآخَرِ سُورَةِ طَهَ، فَالْعَذَابُ وَاقِعٌ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ.