فصل
قال الفخر :
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ﴾
اعلم أنه تعالى لما وصف هؤلاء الكفار بقلة الإصغاء وترك التدبر أتبعه بالوعيد فقال :﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مّنَ النهار﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ حفص عن عاصم ﴿يَحْشُرُهُمْ﴾ بالياء والباقون بالنون.
المسألة الثانية :
قوله :﴿كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ﴾ في موضع الحال، أي مشابهين من لم يلبث إلا ساعة من النهار.
وقوله :﴿يَتَعَارَفُونَ﴾ يجوز أن يكون متعلقاً بيوم نحشرهم، ويجوز أن يكون حالاً بعد حال.
المسألة الثالثة :
﴿كأنَ﴾ هذه هي المخففة من الثقيلة.
التقدير : كأنهم لم يلبثوا، فخففت كقوله : وكأن قد.
المسألة الرابعة :
قيل : كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار وقيل في قبورهم، والقرآن وارد بهذين الوجهين قال تعالى :﴿كَمْ لَبِثْتُمْ فِى الأرض عَدَدَ سِنِينَ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ [ المؤمنون : ١١٢، ١١٣ ] قال القاضي : والوجه الأول أولى لوجهين : أحدهما : أن حال المؤمنين كحال الكافرين في أنهم لا يعرفون مقدار لبثهم بعد الموت إلى وقت الحشر، فيجب أن يحمل ذلك على أمر يختص بالكفار، وهو أنهم لما لم ينتفعوا بعمرهم استقلوه، والمؤمن لما انتفع بعمره فإنه لا يستقله.
الثاني : أنه قال :﴿يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾ لأن التعارف إنما يضاف إلى حال الحياة لا إلى حال الممات.
المسألة الخامسة :