والسراب كما نعلم يراه السائر في الصحراء، وهو عبارة عن انعكاس للضوء ؛ فيظن أن أمامه ماء، ولكن إن سار إليه الإنسان لم يجده ماء، وهكذا شبَّه الحق سبحانه عمل الكافر بمن يسير في صحراء شاسعة، ويرى السراب ؛ فيظنه ماءً، لكنه سراب، ما إن يصل إليه حتى ينطبق عليه قول الحق سبحانه :
﴿ حتى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ الله عِندَهُ ﴾ [ النور : ٣٩ ].
أي : أنه يُفاجأ بوجود الله سبحانه وتعالى، فيوفيه الله حسابه.
ولذلك فالذي يكفر بالله ويعمل ما يفيد البشر، فإنه يأخذ حسابه ممن عمل له، ولا يُحسب له ذلك في الآخرة، وتجد الناس يُكرّمونه، ويقيمون له التماثيل أو يمنحونه الجوائز وينطبق عليه قول الرسول ﷺ :
" فعلتَ ليقال، وقد قيل ".
وهنا يقول الحق سبحانه عن الذين كَذّبوا بلقاء الله تعالى :
﴿ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ﴾ [ يونس : ٤٥ ].
أي : لم يكونوا سائرين على المنهج الذي وضعه لهم خالقهم سبحانه ؛ هذا المنهج الذي يمثِّل قانون الصيانة لصنعة الله تعالى، وقد خلق الله سبحانه الإنسان لمهمة، والله سبحانه يصون الإنسان بالمنهج من أجل أن يؤدي هذه المهمة.
والهداية هي الطريق الذي إن سار فيه الإنسان فهو يؤدي به إلى تحقيق المهمة المطلوبة منه ؛ لأن الحق سبحانه قد جعله الخليفة في الأرض.
ومن لا يؤمن برب المنهج سبحانه وتعالى ولا يطبق المنهج فهو إلى الخسران المبين، أي : الخسران المحيط. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon