وقال ابن عطية فى الآيات :
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٤) ﴾
قرأت فرقة :" ولكنْ الناس " بتخفيف " لكِن " ورفع " الناسُ "، وقرأت فرقة " ولكنّ " بتشديد " لكنّ " ونصب " الناسَ "، وظلم الناس لأنفسهم إنما هو بالتكسب منهم الذي يقارن اختراع الله تعالى لأفعالهم، وعرف " لكن " إذا كان قبلها واو أن تثقل وإذا عريت من الواو أن تخفف، وقد ينخرم هذا، وقال الكوفيون : قد يدخل اللام في خبر " لكن " المشددة على حد دخولها في " أن " ومنع ذلك البصريون، وقوله تعالى :﴿ ويوم نحشرهم ﴾ الآية، وعيد بالحشر وخزيهم فيه وتعاونهم في التلاوم بعضهم لبعض، و﴿ يوم ﴾ ظرف ونصبه يصح بفعل مضمر تقديره واذكر يوم، ويصح أن ينتصب بالفعل الذي يتضمنه قوله ﴿ كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار ﴾، ويصح نصبه ب ﴿ يتعارفون ﴾، والكاف من قوله ﴿ كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار ﴾ يصح أن تكون في معنى الصفة لليوم، ويصح أن تكون في موضع نصب للمصدر، كأنه قال ويوم نحشرهم حشراً كأن لم يلبثوا، ويصح أن يكون قوله ﴿ كأن لم يلبثوا ﴾ في موضع الحال من الضمير في ﴿ نحشرهم ﴾ وخصص ﴿ النهار ﴾ بالذكر لأن ساعاته وقسمه معروفة بيّنه للجميع، فكأن هؤلاء يتحققون قلة ما لبثوا، إذ كل أمد طويل إذا انقضى فهو واليسير سواء، وأما قوله ﴿ يتعارفون ﴾ فيحتمل أن يكون معادلة لقوله :﴿ ويوم نحشرهم ﴾ كأنه أخبر أنهم يوم الحشر ﴿ يتعارفون ﴾ وهذا التعارف على جهة التلاوم والخزي من بعضهم لبعض. ويحتمل أن يكون في موضع الحال من الضمير في ﴿ نحشرهم ﴾ ويكون معنى التعارف كالذي قبله، ويحتمل أن يكون حالاً من الضمير في ﴿ يلبثوا ﴾ ويكون التعارف في الدنيا، ويجيء معنى الآية ويوم نحشرهم للقيامة فتنقطع المعرفة بينهم والأسباب ويصير تعارفهم في الدنيا كساعة من النهار لا قدر لها، وبنحو هذا المعنى فسر الطبري، وقرأ السبعة وجمهور الناس " نحشرهم "، بالنون، وقرأ الأعمش فيما روي عنه، " يحشرهم " بالياء، وقوله ﴿ قد خسر الذين ﴾ إلى آخرها حكم