وما قيل : إنه أبلغ على معنى هل تعرفون ما العذاب المعذب به هو الله سبحانه فهو مشترك على التقديرين ألا ترى إلى قوله تعالى :﴿ عَذَابَهُ ﴾، و﴿ مَاذَا ﴾ بمعنى أي شيء منصوب المحل مفعولاً مقدماً وهو أولى من جعله مبتدأ، ومن فعل قدر العائد، ومن قال : إن ضمير ﴿ مِنْهُ ﴾ هو الرابط مع تفسيره بالعذاب جنح إلى أن المستعجل من العذاب فهو شامل للمبتدأ فيقوم مقام رابطه لأن عموم الخبر في الاسم الظاهر يكون رابطاً على المشهور ففي الضمير أولى.
وزعم أبو البقاء أن الضمير عائد إلى المبتدأ وهو الرابط وجعل ذلك نظير قولك : زيد أخذت منه درهماً وليس بشيء كما لا يخفى، والمراد من المجرمون المخاطبون، وعدل عن الضمير إليه للدلالة على أنهم لجرمهم ينبغي أن يفزعوا من إتيان العذاب فضلاً عن أن يستعجلوه، وقيل : النكتة في ذلك إظهاره تحقيرهم وذمهم بهذه الصفة الفظيعة، والجملة متعلقة بأرأيتم على أنها استئناف بياني أو في محل نصب على المفعولية وعلق عنها الفعل للاستفهام، وهو في الأصل استفهام عن الرؤية البصرية أو العلمية ثم استعمل بمعنى أخبروني لما بين الرؤية والإخبار من السببية والمسببية في الجملة فهو مجاز فيما ذكر وإليه ذهب الكثير، وذهب أبو حيان إلى أن ذلك بطريق التضمين ولم يستعمل إلا في الأمر العجيب، وجواب الشرط محذوف أي إن أتاكم عذابه في أحد ذينك الوقتين تندموا أو تعرفوا الخطأ أو فاخبروني ماذا يستعجل منه المجرمون.
وزعم أبو حيان تعين الأخير لأن الجواب إنما يقدر مما تقدمه لفظاً أو تقديراً ولم يدر أن تقديره من غير جنس المذكور إذا قامت قرينة عليه ليس بعزيز، ولئن سلم صحة الحصر الذي ادعاه فما ذكر غير خارج عنه بناء على أن المقصود من ﴿ أَرَءيْتُمْ ﴾ ﴿ مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ ﴾ الخ تنديمهم أو تجهيلهم كما نص عليه بعض المحققين.