وقال القاسمى :
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ ﴾ أي : أخبروني :﴿ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ ﴾ أي : الذي تستعجلون به :﴿ بَيَاتاً ﴾ أي : ليلاً :﴿ أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُون ﴾ أي : ولا شيء منه بمرغوب البتة.
لطائف :
الأولى - ( أرأيت ) يستعمل بمعنى الاستفهام عن الرؤية البصرية أو العلمية، وهو أصل وضعه، ثم استعملوه بمعنى ( أخبرني ) والرؤية فيه يجوز أن تكون بصرية وعلمية، فالتقدير : أأبصرت حالته العجيبة، أو أعرفتها ؟ فأخبرني عنها. ولذا لم يستعمل في غير الأمر العجيب. ولما كانت رؤية الشيء سبباً لمعرفته، ومعرفته سبباً للإخبار عنه، أطلق السبب القريب أو البعيد، وأريد مسببه، وهل هو بطريق التجوز كما ذهب إليه كثير، أو التضمين كما ذهب إليه أبو حيان - كذا في " العناية ".
الثانية - سر إِيثار ( بياتاً ) على ( ليلاً ) مع ظهور التقابل فيه ؛ الإشعار بالنوم والغفلة، وكونه الوقت الذي يبيت فيه العدو، ويتوقع فيه، ويغتنم فرصة غفلته، وليس في مفهوم الليل هذا المعنى، ولم يشتهر شهرة النهار بالاشتغال بالمصالح والمعاش، حتى يحسن الاكتفاء بدلالة الالتزام كما في النهار، أو النهار كله محل الغفلة، لأنه إما زمان اشتغال بمعاش أو غذاء، أو زمان قيلولة، كما في قوله :﴿ بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾ [ الأعراف : من الآية ٤ ] بخلاف الليل، فإن محل الغفلة فيه ما قارب وسطه وهو وقت البيات، لذا خص بالذكر دون النهار. و ( البيات ) بمعنى التبييت كالسلام بمعنى التسليم، ولا بمعنى البيتوتة.