وَقَدْ أَجَابَ سُبْحَانَهُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ :(لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) لِبَقَائِهَا وَهَلَاكِهَا، عَلِمَهُ اللهُ وَقَدَّرَهُ لَهَا لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) أَيْ فَلَا يَمْلِكُ رَسُولُهُمْ مِنْ دُونِهِ تَعَالَى أَنْ يُقَدِّمَهُ وَلَا أَنْ يُؤَخِّرَهُ سَاعَةً عَنِ الزَّمَانِ الْمُقَدَّرِ لَهُ وَإِنْ قَلَّتْ وَلَا أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ مِنْهُ تَعَالَى، وَهُوَ مَعْنَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ السِّينُ وَالتَّاءُ فِي الْأَصْلِ. وَقَدْ حَقَّقْنَا مَعْنَى هَذَا النَّصِّ فِي آيَةِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ (٧ : ٣٤) بِلَفْظِهِ فَاسْتَغْرَقَ أَرْبَعَ وَرَقَاتٍ مِنْ جُزْءِ التَّفْسِيرِ الثَّامِنِ فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ شَاءَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ هُنَالِكَ :(فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ) إِلَخْ وَقَالَ هُنَا :(إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ) إِلَخْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا هُنَا أَبْلَغُ فِي نَفْيِ تَأْخِيرِ الْوَعِيدِ لِأَنَّهُ تَفْنِيدٌ لِاسْتِعْجَالِهِمْ بِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْجُمْلَةَ الشَّرْطِيَّةَ وَصْفًا لِلْأَجَلِ مُرْتَبِطًا بِهِ مُبَاشَرَةً لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ، وَمَا هُنَالِكَ إِخْبَارٌ بِآجَالِ الْأُمَمِ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ تَفْرِيعٌ عَلَيْهِ، فَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى لُزُومِهِ لَهُ بِلَا مُهْمَلَةٍ كَالَّذِي هُنَا. وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا السُّؤَالُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَعَ جَوَابِهِ فِي سُوَرٍ أُخْرَى، وَأَشْبَهَهُ بِمَا هُنَا سِيَاقُ سُورَةِ النَّمْلِ وَأُجِيبَ فِيهَا بِقَوْلِهِ :