فصل


قال الفخر :
ثم قال تعالى :﴿وَمَا ظَنُّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب﴾ وهذا وإن كان في صورة الاستعلام فالمراد منه تعظيم وعيد من يفتري على الله.
وقرأ عيسى بن عمر ﴿وَمَا ظَنُّ﴾ على لفظ الفعل ومعناه أي ظن ظنوه يوم القيامة وجيء به على لفظ الماضي لما ذكرنا أن أحوال القيامة وإن كانت آتية إلا أنها لما كانت واجبة الوقوع في الحكمة ولا جرم عبر الله عنها بصيغة الماضي.
ثم قال :﴿إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس﴾ أي بإعطاء العقل وإرسال الرسل وإنزال الكتب ﴿ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ﴾ فلا يستعملون العقل في التأمل في دلائل الله تعالى ولا يقبلون دعوة أنبياء الله ولا ينتفعون باستماع كتب الله.
المسألة الثالثة :
( ما ) في قوله تعالى :﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا أَنزَلَ الله﴾ فيه وجهان : أحدهما : بمعنى الذي فينتصب برأيتم والآخر أن يكون بمعنى أي في الاستفهام، فينتصب بأنزل وهو قول الزجاج، ومعنى أنزل ههنا خلق وأنشأ كقوله :﴿وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الإنعام ثمانية أزواج﴾ [ الزمر : ٦ ] وجاز أن يعبر عن الخلق بالإنزال، لأن كل ما في الأرض من رزق فما أنزل من السماء من ضرع وزرع وغيرهما، فلما كان إيجاده بالإنزال سمي إنزالاً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ٩٧﴾


الصفحة التالية
Icon