فصل
قال الفخر :
وأما قوله تعالى :﴿لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا وَفِى الأخرة﴾
ففيه أقوال :
الأول : المراد منه الرؤيا الصالحة، عن النبي ﷺ : أنه قال :" البشرى هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له " وعنه عليه الصلاة والسلام :" ذهبت النبوة وبقيت المبشرات " وعنه عليه الصلاة والسلام :" الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلماً يخافه فليتعوذ منه وليبصق عن شماله ثلاث مرات فإنه لا يضره " وعنه ﷺ :" الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة " وعن ابن مسعود، الرؤيا ثلاثة : الهم يهم به الرجل من النهار فيراه في الليل، وحضور الشيطان، والرؤيا التي هي الرؤيا الصادقة.
وعن إبراهيم الرؤيا ثلاثة، فالمبشرة من الله جزء من سبعين جزءاً من النبوة والشيء يهم به أحدكم بالنهار فلعله يراه بالليل والتخويف من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يحزنه فليقل أعوذ بما عاذت به ملائكة الله من شر رؤياي التي رأيتها أن تضرني في دنياي أو في آخرتي.
واعلم أنا إذا حملنا قوله :﴿لَهُمُ البشرى﴾ على الرؤيا الصادقة فظاهر هذا النص يقتضي أن لا تحصل هذه الحالة إلا لهم والعقل أيضاً يدل عليه، وذلك لأن ولي الله هو الذي يكون مستغرق القلب والروح بذكر الله، ومن كان كذلك فهو عند النوم لا يبقى في روحه إلا معرفة الله، ومن المعلوم أن معرفة الله ونور جلال الله لا يفيده إلا الحق والصدق، وأما من يكون متوزع الفكر على أحوال هذا العالم الكدر المظلم، فإنه إذا نام يبقى كذلك، فلا جرم لا اعتماد على رؤياه، فلهذا السبب قال :﴿لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا﴾ على سبيل الحصر والتخصيص.
القول الثاني : في تفسير البشرى، أنها عبارة عن محبة الناس له وعن ذكرهم إياه بالثناء الحسن عن أبي ذر.
قال ؟ قلت : يا رسول الله إن الرجل يعمل العمل لله ويحبه الناس.