وقال الثعالبى :
قوله تعالى :﴿ لَهُمُ البشرى... ﴾ الآية :
أَمَّا بشرَى الآخرة، فهي بالجنَّةِ ؛ بلا خلاف قولاً واحداً، وذلك هو الفَضْل الكبير، وأَمَّا بُشْرَى الدنيا، فَتَظاهَرَت الأَحاديث من طرق، عن النبيِّ ﷺ ؛ أَنَّهَا " الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُؤْمِنُ أَوْ تُرَى لَهُ "، وقال قتادة والضَّحَّاك : البُشْرَى في الدنيا : هِيَ ما يُبَشَّرُ به المؤمنُ عِنْد موته، وهو حَيٌّ عند المعاينة، ويصح أنْ تكون بُشْرَى الدنيا ما في القرآن من الآيات المبشِّرات ؛ ويقوَّى ذلك بقوله :﴿ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ﴾، ويؤوَّل قوله ﷺ :« هِيَ الرُّؤْيَا » أنه أعطَى مثالاً يعمُّ جميع الناس.
وقوله سبحانه :﴿ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ﴾ : يريد : لا خُلْفَ لمواعيده، ولا رَدَّ في أمره، وقد أخذ ذلك ابنُ عُمَرَ علَى نحو غَيْرِ هذا، وجَعَلَ التبديلَ المنفيَّ في الألفاظ، وذلك أنَّه روي أَنَّ الحجاج خَطَبَ، فَقَالَ : أَلاَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْر قَدْ بَدَّلَ كِتَابَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : إِنَّكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ أَنْتَ، وَلاَ ابن الزُّبَيْرِ ؛ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ، وقد رُوِيَ هذا النظرُ عن ابن عباس في غيرِ مُقَاوَلَةِ الحَجَّاجِ، ذكره البخاريُّ. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ٢ صـ ﴾