وقال أبو حيان :
﴿ ألا إن لله من في السموات ومن في الأرض ﴾.
المناسبة ظاهرة في هذه الآية لما ذكرأن العزة له تعالى وهي القهر والغلبة، ذكر ما يناسب القهر وهو كون المخلوقات ملكاً له تعالى، ومن الأصل فيها أن تكون للعقلاء، وهنا هي شاملة لهم ولغيرهم على حكم التغليب، وحيث جيء بما كان تغليباً للكثرة إذ أكثر المخلوقات لا تعقل.
وقال الزمخشري : يعني العقلاء المميزين وهم الملائكة والثقلان، وإنما خصهم ليؤذن أنّ هؤلاء إذا كانوا له في ملكه فهم عبيد كلهم، لا يصلح أحد منهم للربوبية، ولا أن يكون شريكاً فيها، فما دونهم مما لا يعقل أحق أن لا يكون نداً وشريكاً.
ويدل على أنّ من اتخذ غيره رباً من ملك أو إنسي فضلا عن صنم أو غير ذلك، فهو مبطل تابع لما أدّى إليه التقليد وترك النظر.
والظاهر أنّ ما نافية، وشركاء مفعول يتبع، ومفعول يدعون محذوف لفهم المعنى تقديره : آلهة أو شركاء أي : أنّ الذين جعلوهم آلهة وأشركوهم مع الله في الربوبية ليسوا شركاء حقيقة، إذ الشركة في الألوهية مستحيلة، وإن كانوا قد أطلقوا عليهم اسم الشركاء.
وجوزوا أن تكون ما استفهامية في موضع نصب بيتبع، وشركاء منصوب بيدعون أي : وأي شيء يتبع على تحقير المتبع، كأنه قيل : من يدعو شريكاً لله لا يتبع شيئاً.
وأجاز الزمخشري أن تكون ما موصولة عطفاً على من، والعائد محذوف أي : والذي يتبعه الذين يدعون من دون الله شركاء أي : وله شركاؤهم.
وأجاز غيره أن تكون ما موصولة في موضع رفع على الابتداء، والخبر محذوف تقديره : والذي يتبعه المشركون باطل.
وقرأ السلمي : تدعون بالتاء على الخطاب.
قال ابن عطية : وهي قراءة غير متجهة.


الصفحة التالية
Icon