﴿ وَمَا يَتَّبِعُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله شُرَكَاء ﴾ وبرهانٌ على بطلان ظنونِهم وأعمالِهم المبنيةِ عليها، وما إما نافيةٌ وشركاءَ مفعولُ يتّبع ومفعولُ يدْعون محذوفٌ لظهوره أي ما يتّبع الذين يدعون من دون الله شركاءَ شركاءَ في الحقيقة وإن سمَّوْها شركاءَ فاقتُصر على أحدهما لظهور دلالتِه على الآخر، ويجوز أن يكون المذكورُ مفعولَ يدعون ويكون مفعولُ يتّبع محذوفاً لانفهامه من قوله تعالى :﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن ﴾ أي ما يتبعونه يقيناً إنما يتبعون ظنَّهم الباطلَ، وإما موصولةٌ معطوفةٌ على مَنْ كأنه قيل : والله ما يتبعه الذين يدعون من دون الله شركاءَ أي وله شركاؤهم، وتخصيصُهم بالذكر مع دخولهم فيما سبق عبارةٌ أو دلالةٌ للمبالغة في بيان بطلانِ اتباعِهم وفسادِ ما بنَوْه عليه من ظنهم شركاءَهم معبودين مع كونهم عبيداً له سبحانه، وإما استفهاميةٌ أي وأيُّ شيءٍ يتّبعون أي لا يتبعون إلا الظنَّ والخيالَ الباطلَ كقوله تعالى :﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا ﴾ الخ، وقرىء تدعون بالتاء فالاستفهامُ للتبكيت والتوبيخ كأنه قيل : وأي شيءٍ يتّبع الذين تدعونهم شركاءَ من الملائكة والنبيين تقريراً لكونهم متّبعين لله تعالى مطيعين له وتوبيخاً لهم على اقتدائهم بهم في ذلك كقوله تعالى :﴿ أُولَئِكَ الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة ﴾ ثم صُرف الكلامُ عن الخطاب إلى الغَيبة فقيل : إنْ يتبعُ هؤلاء المشركون إلا الظنَّ ولا يتبعون ما يتبعه الملائكةُ والنبيون من الحق ﴿ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾ يكذبون فيما ينسُبونه إليه سبحانه ويحزَرون ويقدّرون أنهم شركاءُ تقديراً باطلاً. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾