وقال الآلوسى :
﴿ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ﴾
أي من الملائكة والثقلين كما يدل عليه التعبير بمن الشائع في العقلاء، والتغليب غير مناسب هنا، ووجه تخصيصهم بالذكر الإيذان بعدم الحاجة إلى التصريح بغيرهم فإنهم مع شرفهم وعلو طبقتهم إذا كانوا عبيداً لله مملوكين له سبحانه فما عداهم من الموجودات أولى بذلك، والجملة مع ما فيها من التأكيد لما سبق من اختصاص العزة به جل شأنه الموجب لسلوته عليه الصلاة والسلام وعدم مبالاته بمقالات المشركين تمهيد لما لحق من قوله سبحانه :﴿ وَمَا يَتَّبِعُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله شُرَكَاء ﴾ ودليل على بطلان ظنونهم وأعمالهم المبنية عليها والاقتصار على أحد الأمرين قصور فلا تكن من القاصرين، و﴿ مَا ﴾ نافية ﴿ وشركاء ﴾ مفعول ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ ﴾ ومفعول ﴿ يَدَّعُونَ ﴾ محذوف لظهوره، أي ما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء شركاء في الحقيقة وان سموها شركاء لجهلهم فالمراد سلب الصفة في الحقيقة ونفس الأمر فما ذكره أبو البقاء من عدم جواز هذا الوجه من الإعراب لأنه يدل على نفي اتباعهم الشركاء مع أنهم اتبعوهم ناشىء من الغفلة عما ذكرنا، وجوز أن يكون ﴿ شُرَكَاء ﴾ المذكور مفعول ﴿ يَدَّعُونَ ﴾ ويكون مفعول ﴿ يَتَّبِعُ ﴾ محذوفاً لانفهامه من قوله سبحانه :﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن ﴾ أي ما يتبعون يقيناً وإنما يتبعون ظنهم الباطل أو ظنهم أنها شركاء بتقدير معمول الظن أو تنزيله منزلة اللازم، وقدر بعضهم مفعول ﴿ يَتَّبِعُونَ ﴾ شركاء ميلاً إلى إعمال الثاني في التنازع، وتعقب بأنه لا يصح أن يكون من ذلك الباب لأن مفعول الفعل الأول مقيد دون الثاني فلا يتحد المعمول والاتحاد شرط في ذلك، وكون التقييد عارضاً بعد الإعمال بقرينة عاملة فلا ينافي ما شرط في الباب بالباب كما لا يخفى، وجوز أيضاً أن تكون ﴿ مَا ﴾ استفهامية منصوبة بيتبع و﴿ شُرَكَاء ﴾ مفعول ﴿ يَدَّعُونَ ﴾ أي أي شيء يتبع المشركون أي ما يتبعونه ليس بشيء، وأن تكون


الصفحة التالية
Icon