وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ﴾
فالحق سبحانه إذن لن يَخرج كائنٌ مَنْ كان عن ملكه.
وساعة تجد الحق سبحانه يبيِّن الشيء وضده، فهو يأتي بالقانون والإطار ﴿ للَّهِ ما فِي السماوات وَمَا فِي الأرض ﴾ [ البقرة : ٢٨٤ ].
ومثال ذلك : حين تبع قوم فرعون موسى عليه السلام وقومه، قال أصحاب موسى :﴿ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [ الشعراء : ٦١ ].
قالوا ذلك ؛ لأنهم رأوا البحر أمامهم، فشاء الحق سبحانه أن يبيِّن لهم أن البحر لن يعوق مشيئته سبحانه، ولم ينفلت البحر من قوة الله تعالى ؛ لأن لله ما في السموات وما في الأرض، والبحر منها ؛ لذلك انفلق البحر، فكان فِرْقٍ كالطود العظيم.
فلا شيء يخرج عن مُلكه سبحانه تعالى ؛ ولذلك يأتي الحق سبحانه بالنقيض، فبعد أن جعل الحق سبحانه لهم مسلكاً في البحر، وكل فرْق كالطود العظيم، ويظل البحر مفلوقاً فيدخل قوم فرعون فيه.
والحق سبحانه يقول لموسى عليه السلام :﴿ واترك البحر رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ﴾ [ الدخان : ٢٤ ].
فيأمر الحق سبحانه البحر أن يعود كما كان ؛ فيغرق قوم فرعون بعد أن أنجى الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام ومن معه، فأهلك وأنجى بالشيء الواحد ؛ لأنه سبحانه له ما في السموات وما في الأرض، وليبيِّن الحق سبحانه لنا أنه لا شيء في كون الله تعالى يقوم مقام عزته سبحانه أبداً.
وهناك مثال آخر : حين يقول نوح عليه السلام لابنه :﴿ يابني اركب مَّعَنَا ﴾ [ هود : ٤٢ ].
فيردّ الابن قائلاً :
﴿ سآوي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المآء ﴾ [ هود : ٤٣ ].
وهذا كلام صحيح من ناحية أن الجبل يعلو مستواه عن مستوى المياه، ولكن ابن نوح نسي أن لله تعالى جندياً آخر هو الموج ؛ فكان من المغرَقين.