" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
﴿ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ﴾
وقوله تعالى :﴿ مَن فِي السماوات وَمَنْ فِي الأرض ﴾ : يجوزُ أن يُرادَ [ به ] العقلاءُ خاصةً، ويكون من باب التنبيه بالأعلى على الأدنى، وذلك أنه تعالى إذا كان يملك أشرفَ المخلوقات وهما الثَّقَلان العقلاءُ من الملائكة والإِنس والجن فَلأَنْ يملكَ ما سواهم بطريق الأَْوْلى والأَْحْرى. ويجوز أن يُرادَ العمومُ، وغَلَّبَ العاقلَ على غيرِه.
قوله :﴿ وَمَا يَتَّبِعُ ﴾ يجوز في " ما " هذه أن تكون نافيةً وهو الظاهرُ. و " شركاء " مفعولُ " يَتَّبع "، ومفعولُ " يَدْعون " محذوفٌ لفَهْمِ المعنى، والتقدير : وما يتبع الذين يَدْعُون مِنْ دون الله آلهةً شركاءَ، فآلهةً مفعول " يَدْعون " و " شركاءَ " مفعول " يتبع "، وهو قولُ الزمخشري، قال :" ومعنى وما يَتَّبعون شركاءَ : وما يتَّبعون حقيقة الشركاء وإن كانوا يُسَمُّونها شركاءَ ؛ لأن شركةَ الله في الربوبيةِ مُحال، إن يتبعونَ إلا ظنَّهم أنها شركاءُ ". ثم قال :" ويجوز أن تكون " ما " استفهاماً، يعني : وأيَّ شيءٍ يَتَّبعون، و " شركاء " على هذا نُصِب ب " يدعون "، وعلى الأول ب " يَتَّبع " وكان حقُّه " وما يتبع الذين يَدْعُون من دون الله شركاءَ شركاءَ " فاقتصر على أحدهما للدلالة ".
وهذا الذي/ ذكره الزمخشري قد رَدَّه مكي ابن أبي طالب وأبو البقاء. أمَّا مكيٌّن فقال :" انتصَبَ شركاء ب " يَدْعون " ومفعول " يَتَّبع " قام مقامَه " إنْ يتبعون إلا الظنَّ لأنه هو، ولا ينتصِبُ الشركاء ب " يَتَّبع " لأنك تَنْفي عنهم ذلك، والله قد أَخْبر به عنهم ". وقال أبو البقاء :" وشركاء مفعولٌ " يَدْعون " ولا يجوزُ أن يكونَ مفعول " يتبعون " ؛ لأنَّ المعنى يَصير إلى أنَّهم لم يَتَّبعوا شركاء، وليس كذلك.


الصفحة التالية
Icon