فصل
قال الفخر :
﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧) ﴾
اعلم أنه تعالى لما ذكر قوله :﴿إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً﴾ [ يونس : ٦٥ ] احتج عليه بهذه الآية، والمعنى أنه تعالى جعل الليل ليزول التعب والكلال بالسكون فيه، وجعل النهار مبصراً أي مضيئاً لتهتدوا به في حوائجكم بالأبصار، والمبصر الذي يبصر، والنهار يبصر فيه، وإنما جعله مبصراً على طريق نقل الاسم من السبب إلى المسبب.
فإن قيل : إن قوله :﴿هُوَ الذى جَعَلَ لَكُمُ الليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ﴾ يدل على أنه تعالى ما خلقه إلا لهذا الوجه، وقوله :﴿إِنَّ فِى ذلك لآيات لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ يدل على أنه تعالى أراد بتخليق الليل والنهار أنواعاً كثيرة من الدلائل.
قلنا : إن قوله تعالى :﴿لّتَسْكُنُواْ﴾ لا يدل على أنه لا حكمة فيه إلا ذلك، بل ذلك يقتضي حصول تلك الحكمة.
أما قوله تعالى :﴿إِنَّ فِى ذلك لآيات لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ فالمراد يتدبرون ما يسمعون ويعتبرون به. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ١٠٦﴾